أبوليوس

 

الحمار الذّهبيّ

 

الحواشي

 

حواش 

11

10

9

8

7

6

5

4

3

2

1

مقدّمة

 

 

 

أصل الرّواية

 

   تحدّث الكاتب البيزنطيّ فوتيوس ( ق 9) في كتاب له بمثابة الفهرست عن قصّتين باليونانيّة عن حمار، إحداهما للوقيوس البترائيّ ( نسبة إلى مدينة بتراية بآخية) وأخرى موجزة للُقيانوس ( 117/125-180) معاصر أبوليوس، وبدا غير متأكّد ممّن سبق، لكنّه أشار إلى الفرق بين سذاجة الأوّل ومزاج الثّاني السّاخر. وبينما اختفى الأوّل، ما زال الملخّص المنسوب له موجودا. ويمكن أن يكون لقيانوس وأبوليوس اقتبسا من مصدر يونانيّ واحد، لكنّ نصّ أبوليوس أكثر توسّعا، وأسماء الشّخصيّات مختلفة ( ما عدا لوقيوس وفيلبوس كاهن الإلهة السّوريّة، وللقيانوس بالمناسبة كتاب حول هذه الإلهة). وأهمّ الإضافات الّتي نجدها:

1-    قصّة أرسطومان وسقراط (1)

2-    قصّة تليفرون (2)

3-    المحاكمة الزّائفة (3)

4-    قصص اللّصوص الثّلاثة (4)

5-    قصّة بسيشية وكوبيدون (4-5-6) وهي تحتلّ حيّزا كبيرا من رواية أبوليوس

6-    قصّة موت خريطة (8) ففي النّصّ اليونانيّ تغرق مع زوجها بينما هما على شاطئ البحر

7-    حادثة الاعتداء على العبيد الآبقين، وحادثة التّنّين وعقاب العبد خائن زوجته (8).

8-    قصص الزّنا وموت الطّحّان وموت المزارع وأبنائه (9).

9-    قصّة زوجة الأب عاشقة ربيبها (10).

10- المرأة المحكوم عليها بالإعدام (10).

11- فرار الحمار وإنقاذه بفضل إيزيس، الطّقوس والسّيامة (11)، ففي نصّ لقيانوس يرى لوقيوس أثناء العرض ورودا فيأكلها ويتحوّل إلى الصّورة البشريّة، ويخبر الوالي بقصّته ثمّ يزور المرأة الّتي كانت تتردّد عليه، لكنّها بعد اكتشاف  حجم عضوه تطرده من بيتها.

   وفي رواية أبوليوس مواقف تذكّر بقصّة "ساتيريكون" لبترونيوس ( ق 1 م) الّتي أتت هي أيضا على لسان المتكلّم: فمثلا يذكّر انتقام الزّوج المخدوع ( 9-28) بتعلّق ليخاس بإنكلبيوس مقابل علاقته الغراميّة بزوجته تريفينة ( فصل 2)، وما حدث في ضيافة المزارع ( 9-34) ببركة الدّم ( 9) واقتطاع السّواحر أعضاء الموتى ( 2-21 وقصّة تليفرون) باستلال ساحرات أحشاء الولد الميت وحشوه بتبن ( 9)، وعودة لوقيوس من مأدبة برّينة ( 2-11) بعودة إنكلبيوس من مأدبة تريملكيون ( 11)، ومحاولة الانتحار في قصّة أرسطومان ( 1-16) بمحاولة انتحار إنكلبيوس ( 12) أو بوقوع  أنوثية من على الكرسيّ النّخر ( 16)، ومشاهد الكلاب المهاجمة بالكلب الّذي يهاجم إملبوس ( 12)، ونوبة العطاس لعشيق زوجة اللّبابيديّ ( 9-24) بنوبة غيتون المختبئ تحت السّرير ( 12) واحتجاج غيتون وإنكلبيوس على خطّة إملبوس لإخفائهما في أمتعته ( 13)، وشتّى التّحوّلات وحلق شعر لوقيوس بحلق شعرهما قصد التّنكّر أثناء سفرهما على متن السّفينة ( 13 وذلك يذكّر بسفر بطل قصّة القلندريّ الثّاني من ألف ليلة وليلة في شكل قرد على ظهر السّفينة)، والاستطراد حول الأحلام ( 1-18 و4-27 ونجد أيضا ما يشابهه في "دفاعه") باستطراد مماثل ( 13)، وفرار خريطة مع الحمار ووقوعهما في أيدي اللّصوص ( 6-29) بفشل محاولة اختفاء إنكلبيوس وغيتون ( 13) وكذلك عدد من مشاهد الفرار بهروب إنكلبيوس من عند كاهنة بريابوس ( 16)، ومشروع خصي الحمار ( 7-23 وكذلك فقدان القدرة على الكلام) بتهديد غيتون ( 13) وبالعنّة الّتي تصيب إنكلبيوس ( 15)، ومديح الشّعر والوجه ( 2-9 والّذي نجد ما يشبهه في "الدّفاع" وكذلك عند كتّاب كديون فم الذّهب ولقيانوس) بالشِّعر حول الشَّعر ( 13)، وحزن خريطة على زوجها ( 8-7) بحزن الأرملة ( 13) وإن كان الجنديّ، بعكس ثراسليوس، قد تمكّن في النّهاية من غوايتها، وقسم اللّصوص ( 7-9) بقسم مجموعة إملبوس ( 14)، ومشاهد التّبوّل ( 1-2 و14، 4-3، 7-28) بضراط كوراكس ( 14)، ومظاهر الشّذوذ الجنسيّ ( 10-22 مثلا) بمظاهر مماثلة ( 15)، وفخر فوتيس بإمكانيّاتها الجنسيّة ( 2-7) بمباهاة كرخية ( 15)، وشتّى المقاطع عن قوّة السّحر بفخر كرخية بقدراتها السّحريّة ( 16)، ومعركة لوقيوس مع القرب الثّلاث ( 2-32) بمعركة إنكلبيوس مع بطّات أنوثية الثّلاث ( 16)، والحديث عن قوّة الذّهب في قصّة مرمكس ( 9-19) بأبيات الشّعر حول نفس الموضوع ( 16)، وعرافة بنفيلة ( 2-11) بعرافة أنوثية بكبد البطّة ( 16)، واستلال قلب سقراط ( 1-13) بمشاهد أكل لحم البشر (  17).

   هذا ويرجّح أنّ للقصّة جذورا أعمق في الأدب اليونانيّ ( سيما وأبوليوس نفسه الّذي يكتب بكلتا اللّغتين يذكر أنّه سيجمع في كتابه قصصا على النّمط الميليتيّ) وفي ثقافات الشّرق الأوسط. فقد عرف الأدب اليونانيّ رواية المغامرات، منذ قصّة أيسوبوس الّذي مرّ هو أيضا كلوقيوس ( لكن كعبد) بين عدّة مالكين، وأنقذته الإلهة عشتار ( أعادت إليه النّطق). وخلّف لنا الأدب اليونانيّ فيما عدا القصص الّتي لم يبق لنا منها سوى ملخّص أو نتف، كالقصّة البابليّة ليمبليخوس، والقصّة الفينيقيّة للُلّيانوس وأغرب من الخيال فيما وراء ثولة لديوجينس، 5 روايات عاطفيّة تعود إلى ما بين القرنين 2 ق م و2 م: "كلّيروي وخيرياس" لخاريتون الأفروديسيّ و"هبروكومس وأنثية" لإكسينوفون الأفسسيّ، و"دفنيس وخلوية" للُنغوس، و"ليوكبّوس وكليتوفون" لأخيليوس تاتيوس، و"القصّة الأثيوبيّة" لهليودوروس. وهي قصص حبّ تفصل فيها أحداث بين الحبيبين ويقعان في أسر لصوص أو قراصنة، ويقع في حبّ أحدهما شخص آخر ويظنّ كلاهما الآخر ميّتا، ثمّ يلتقيان ويتزوّجان في النّهاية ويشبه ذلك إلى حدّ ما قصّة هيلينة في مصر الّتي يوردها هيرودوت ( 2: 112-115) نقلا عن كاهن مصريّ ( وقصّة خريطة وتليبوليموس قريبة من هذا النّمط). وتجدر الإشارة إلى أنّ تاتيوس بالذّات ( وهو تقريبا معاصر أبوليوس وفي كتابه نكهة ساخرة شبيهة بالّتي رأينا في "الحمار الذّهبيّ" ووردت روايته بضمير المتكلّم أيضا مع انتقال إلى سرد وقائع لم يشهدها وإنّما علمها ولا ندري كيف أحيانا: كمعرفته بخطف كلّستينس لكلّيقونة الّتي حسبها ليوكبّة، وشبيه بذلك سرد حديث إملبوس مع ليخاس ربّان السّفينة في "ساتيريكون" 13) هو سوريّ، وكذلك لقيانوس كاتب ملخّص "الحمار" ويمبليكوس كاتب " القصّة البابليّة"، وأنّ هليودوروس مصريّ، وأنّ القصص الّتي أشرنا إليها تتضمّن كلّها جولة في بلدان حوض البحر المتوسّط. وهذه على سبيل المثال بعض المشاهد من تلك القصص تذكّر برواية أبوليوس:

 في قصّة أخيليوس تاتيوس: الحديث عن قوّة إيروس/كوبيدون وحديث كليتوفون مع عبده ( كتاب 1) وكذلك إلهابه قلب روبسوديس ( 8)، رقية ليوكبّة المصريّة ( 2)، وحادثة القتل أثناء الصّيد ( 2)، ومشهد اللّصّين وهما يبقران بطن ليوكبّة ويستخرجان أحشاءها ( 3 وهي ميتة زائفة نجد مثلها في 5 و7، كما نجد مثلها في ساتيريكون 12، ومشهد أكل لحم البشر يذكّر كذلك بساتيريكون وبرواية للّيانوس) ومحاولة انتحار كليتوفون ( 3)، وشتّى الاستطرادات كمديح الفم ( 4)، وعن الصّيد والنّيل ( 4)، ووصف أماكن عيش اللّصوص "البوكولوي" في مصر ( 4)، ووصف الرّسم حول تيريوس وخطف فيلوميلة ( 5)، وطلب مليتة عون ليوكبّة لتجعل كليتوفون يحبّها، ظنّا أنّها مصريّة ( 5)، واعـراف البطل في المحكمة بجريمة لم يقترفها ( 7)، وامتحانات ليوكبّة ( 8).

في قصّة هليودوروس الحمصيّ: حبّ دمنيتة لربيبها كنيمون ( 1)، واتّهام الأب المخدوع لابنه أمام مجمع أثينة ( 1)، محاولة انتحار ثياجنس لظنّه أنّ خاركلية ماتت ( 2)، وطلب خاركلس من كلاسيريس استعمال سحره المصريّ لجعل خاركلية تحبّه وتتزوّجه ( 3)، وعرافة معبد أبولّون ( 3)، وقصّة تخلّي برسنّة عن ابنتها لحفظ حياتها ( 4)، ووقوع خاركلية وثياجنس وقد عطّلهما نقاشهما بين أيدي اللّصوص ( 5)، المرأة الّتي تستخدم السّحر لإحياء ابنها الّذي يقوم فعلا ويعطي تكهّنات ( 6)، شرب قبيلة السّمّ الّذي أعدّته لخاركلية خطأ ( 8)، تحوّل ثياجنس إلى كاهن للشّمس وخاركلية إلى كاهنة القمر ( 10).

في قصّة إكسينوفون الأفسسيّ: قوّة إيروس وعرافة أبولّون ( 1)، ظنّ سكّان رودس أنّ أنثية وهبروكومس إلهان ( 1)، أسرهما من قبل القراصنة ( 1)، اتّهام منتو لهبروكومس لأنّه لم يستجب لحبّها ( 2)، بيع أنثية ووقوعها في أيدي لصوص ومشروع التّضحية بها ( 2)، تقديم الطّبيب يودكسوس لأنثية مخدّرا مكان السّمّ المطلوب وقبرها وهي حيّة ( 3)، ووقوعها مجدّدا بين أيدي لصوص وبيعها ( 3)، قتل كينو لزوجها واتّهامها لهبروكومس لأنّه لم يستجب لها ( 3)، تقديم أنثية للكلاب بعد قتل اللّصّ الّذي حاول اغتصابها ( 4)، بيع أنثية للمبغى ( 5) ومحاولتها الانتحار ( 5).

في قصّة خاريطون: مقارنة كلّيروي بأفروديت وغيابها عن الوعي بعدما دفعها خيرياس بعنف ودفنُها حيّة ( 1)، وبيعها من قبل لصّ قبور لديونسيوس الّذي وقع في حبّها ( 2) كملك بابل ( 6)، بيع خيرياس ( 3).

قصّة لُنغوس: هي قصّة حبّ بين راع، كما في أشعار ثيوقريطس الّتي يقرّبها منها كذلك اسم البطل، وراعية ربّتهما أسرتان ريفيّتان بعدما وجدتاهما رضيعين تخلّى عنهما آباؤهما تاركين معهما أمارات للتّعرّف عليهما- ممّا يذكّر بمسرحيّات مينندر( وكذلك شخصيّة الكدّاء إغناطون). تقرّبها قليلا لرواية أبوليوس بعض العناصر كتمجيد إيروس وتدخّل الآلهة ( إيروس، بان وجنّيّات المياه) والأحلام والقراصنة وتطوّر الحبّ ( فهو ليس حبّا من أوّل نظرة يبقى على حاله طوال الرّواية) وانتصار البطلين في النّهاية سيما وقد تبيّن أنّهما من أصل كريم ( كما في ملاهي مينندر).

   وممّا يقوّي الظّنّ بجذور شرقيّة للقصّة وللقصص الأخرى أنّ يمبليكوس يزعم أنّه اقتبس قصّته من قصّة بابليّة رواها رجل بابليّ أُسر أثناء حرب ترايانوس ضدّ الفرثيّين، وأنّ أنطونيوس ديوجينس صاحب قصّة "فوق الخيال فيما وراء ثولة" ( الّتي لخّصها فوتيوس في "الفهرست" 166، واعتبرها أصل كلّ الرّوايات الأخرى، ونجد فيها فعلا عناصر شبيهة كالتّرحال المليء بالأخطار والعجائب، والحبّ- بين دينياس ودرقلّيس-، والسّحر- بفعل الكاهن المصريّ بابيس-، والعرافة، وحالات الموت الزّائفة- كدرقلّيس وأخيها منتينياس أو والديهما-) يزعم أنّ القصّة اكتشفت مكتوبة على ألواح عند فتح الإسكندر لمدينة صور، وأنّ هليودوروس يؤكّد أنّ "اليونان لا يحبّون شيئا أكثر من الاستماع إلى قصص عن مصر" 2: 27، كما أنّ أبوليوس نفسه يعدنا بقصص اختطّها يراع النّيل على ورق البرديّ. كما يعزّزه وجود نقاط شبه مع أساطير وحكايات من تراث شعوب الشّرق الأوسط، سيما بلاد ما بين النّهرين ومصر ولعب الفينيقيّون دورا في نقلها. في قصّة جلجامش مثلا نرى عشتار تحوّل عشّاقها إلى حيوانات، ماسخة رئيس الرّعاة ذئبا فتمزّقه كلابه 6: 2 مثل أختيون المذكور في 2-4، ومحيلة إشولاّنو جنّان أبيها ضفدعا يسبح في السّواقي الّتي جهّزها بيده 6: 3 كما فعلت مروة بمنافسها الخمّار 1-9 ولم ترفع أيّا إلى السّماء بل كسرت جناح الشّقراق وحكمت على الحصان بالسّوط والمهماز والمنخاس والرّكض المستمرّ ؛ وفي قصّة دوموزي يقول البطل: "أنا محبوب نِنليل محميّ نِنتور الموهوب فطنة من إنكي، أنا الحمار الرّائع ذو الخطوة الحثيثة على الطّريق...كاتب نِسابة البارع"... وفي قصّة الأخوين المصريّة تعشق زوجة أنوب شقيق زوجها باتا، وإذ يقابلها بالصّدّ تسعى إلى الإيقاع به، كما في قصّة عاشقة ربيبها 2-10، وفي مسرحيّة فيدرة وهيبوليت ليوريبيدس، وفي قصّة أنتية وبلّيروفون، وكما في قصّة يوسف وامرأة بوتيفار المذكورة في الكتاب المقدّس والقرآن والّتي حيكت عنها قصص عند المسلمين كمنظومة الفردوسيّ وعبد الرّحمان الجامي والشّاعر التّركيّ حمدي وابن كمال المصريّ ( ق 10 ه) بينما كتب اليهود والنّصارى أكثر عن قصّة حبّه وزواجه بأسنات بنت فوطنفارع كاهن أون ( المذكورة في سفر التّكوين 41: 45 و50، 46: 20؛ وفي قصّة الواحي الفصيح يستولي الموظّف (؟) تحوت نخت على حمير الواحي المحمّلة بمنتوجات واحته الّتي يسير بها لبيعها في المدينة ويضربه بغصن من الأثل، كجنّان أبوليوس 9-39؛ وفي الحكاية الثّانية من قصص برديّ وستكار زوج مخدوع ينتقم من العشيق والزّوجة؛ وفي كوارث أونمون ( ق 11 ق م، وهي تقرير أكثر ممّا هي قصّة) يتعرّض البطل وهو الرّاوي نفسه كلوقيوس وكأوديسّيوس إلى عدّة كوارث وإن لم تكن من فعل الآلهة ولا الحظّ. وتعجّ القصص المصريّة كقصّة الغريق والأمير الموعود وقصص برديّ وستكار والجزء الثّاني من الأخوين وكذلك القصص المكتوبة باللّغة الدّموطيّة في الفترة الهلّنستيّة بمآثر السّحرة، ونجد فيها أيضا رهبانا والملك وحاشيته، كقصّة ستني خمواس حيث يسرق الأمير من قبر كتاب سحر كتبه الإله توحت نفسه ( الشّبيه بهرمس/مركوريوس)- وهي سرقة تذكّرنا بسرقة كتب سحر الكاهن المصريّ في قصّة ديوجينس- لكنّه يضطرّ إلى ردّه، وفيها زيارة إلى العالم السّفليّ فيها تأثير يونانيّ، وقصّة بديخون والملكة سرفوت. ويرجّح أنّ هذا التّراث القديم من مصادر قصص ألف ليلة وليلة الّتي نجد في بعضها شبها بالقصص الّتي يتضمّنها الحمار الذّهبيّ، كحكاية المدينة المسحورة حيث مسخت ساحرة سكّان مدينة الجزائر السّود أسماكا ونصف زوجها حجرا، كما نجد في قصّة القلندريّ الثّاني بنتا ساحرة تقول لأبيها: "لقد حفظت السّحر وأتقنته وعرفت 170 بابا من أبوابه أقلّ باب منها أنقل به حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها بحرا وأجعل أهلها سمكا في وسطه" وهو ما يذكّر بقوّة سحر مروة 1-10، أو حكاية بدر باسم ابن الملك شهرمان الّذي يُمسخ طيرا والملكة لاب الّتي تمسخ نفسها طيرة، وحكاية الجارية والأختين الحاسدتين ( الّتي لا تخلو من شبه بقصّة بسيشية وأختيها)، وحكاية غانم والصّبيّة المبنّجة، وحكاية التّاجر مع العفريت ( حيث تسحر امرأة سريّة زوجها بقرة وولدها عجلا، ثمّ تسحرها بدورها فتاةٌ غزالةً، وتسحر أخريين كلبتين وأخرى بغلة عقابا لهنّ)، وقصّة الخيّاط الأحدب واليهوديّ والنّصرانيّ حيث يظنّ أشخاص خطأ أنّهم قتلوا وحيث يتناول شخص لقمة كبيرة فتتصلّب في حلقه، وحكاية عليّ المصريّ الّذي يحوّله اليهوديّ إلى حمار ويبيعه لسقّاء ثمّ إلى دبّ فيكاد يذبحه جزّار ثمّ إلى كلب، وقصّة القلندريّ الثّاني حيث ينسى البطل لعجلته نعله عند عشيقته فيكتشفه زوجها العفريت، وقصّة الأحدب حيث يخرج له العفريت في صورة فأر ثمّ يتضخّم، كما نجد في بعضها إحراق شعر لأغراض سحريّة أو ردّ اشخاص مسحورين إلى هيئتهم البشريّة أو جدع أنوف ( القلندريّة الثّلاثة ونجد قصّة جدع أنف شخص بالخطإ في قصّة الإسكاف وامرأة الحجّام وبشهادة النّاسك في مثل النّاسك من "كليلة ودمنة"، وهي قصّة ذات أصل هنديّ). كما نجد في المثنويّ عدّة أمثال تذكّرنا بالحمار الذّهبيّ: قصّة الجارية وسيّدتها والحمار 5: 1334-1429 حيث تضاجع امرأة حمارا، قصّة الصّوفيّ الّذي ضبط زوجته متلبّسة بالزّنا مع إسكاف فألبسته ملابس النّساء 4: 158-160، وقصّة الغزال في حظيرة الحمير 5: 913-925( كلوقيوس المسيخ في الإصطبل)، وقصّة الجارية العاشقة 1: 35- حيث يحدّثنا عن غرس شوكة تحت ذيل حمار فلا يفتأ يقفز ويبرطع فيجرح مائة موضع، وقصّة الأمير الّذي ذاب حبّا في في جارية واستطاع الطّبيب بالنّبض معرفة دائه ( وهي قصّة ذكر مثلها ابن سينا في القانون وذكرها نظامى العروضي في جهار مقاله)، وقصّة الصّوفيّ الّذي أوصى الخادم بالعناية بحماره وكيف نفّذ الخادم وصيّته ( اندرز كردن صوفى رادر تيمار داشت بهيمه ولا حول كَفتن خادم 2: 205-250) كما حدث لحمارنا 7-15. يمكن كذلك النّظر إلى لوقيوس في بعض المقاطع كمحاكاة ساخرة لبطل أسطوريّ ( هرقل، سيما وهو في الأسطورة كأبطال آخرين يلبس جلد حيوان) أو ملحميّ ( أوديسيوس في تطوافه المليء بالأخطار) أو فلسفيّ ( سقراط)...

 

 

صورة الحمار في أدبيّات الشّعوب

 

   تطغى السّلبيّة على صورة الحمار عند معظم الشّعوب. ففضلا عمّا يقال عن قبح صوته وعناده وشبقه الفجّ، يرادَف غالبا بالجهل والبلادة. حتّى أنّ مارون عبّود في "حديث القرية" يجعله يردّ على كلب سبّه بشتيمة "حمار" بأنّه هو الحمار. يضرب "كليلة ودمنة" كذلك به المثل على الغبيّ العاجز عن الاتّعاظ بما يحدث له في قصّة "الأسد وابن آوى والحمار". كذلك يتّخذه شوقي في قصائده "الحمار والجمل" و"الحمار في السّفينة" و"ثعالة والحمار" و"الأسد ووزيره الحمار" مثالا لبلادة الذّهن والذّلّ والرّضا بالدّون. وفي حكاية إيسوب "الحمار في جلد الأسد" يبدو مرادفا للجبن، وفي "مخّ الحمار أو الثّعلب والأسد" للغباء، وفي قصّة "الأسد الهرم والخنزير والثّور والحمار" لفيدروس نقلا عن إيسوب يوصف "بخزي الطّبيعة"؛ كذلك تظهر غباءه قصّة "الحمار السّاخر من الخنزير". وتبدو صورته سلبيّة كذلك عند جلال الدّين الرّوميّ في قصص "الغزال واصطبل الحمير" و"الحمار الحطّاب والخيول العربيّة" و"الجارية وسيّدتها والحمار". وكان المصريّون قديما يتمثّلون الإله سيث رمز الشّرّ الكونيّ بوجه حمار. ويقترن في الميثولوجيا اليونانيّة بديونيسوس وكردتوس وتيفون رمز الشّرّ. وفي أسطورة ميداس أنّ هذا الملك عوقب بإنبات أذني حمار له. وقد تعود تهمة الغباء الملتصقة به إلى طبعه الهادئ المسالم، فوجهه لا يحمل تعبيرا واضحا مثل حيوانات أليفة أخرى. أمّا شبقه الفجّ فقد جعل اليونان يقدّمونه ذبيحة لبريابوس إله الخصوبة الّذي يمثَّل عادة في شكل إنسان قبيح ذي ذكر ضخم، كما جعل بشّارا يقول ساخرا على لسان حماره الّذي ظهر له في المنام بعد موته إنّه مات من حبّ أتان حسناء:" سيّدي خذ بي أتانا  عند باب الأصبهاني/ تيّمتني ببنان  وبدلّ قد شجاني/ تيّمتني يوم رحنا  بثناياها الحسان/ وبغنج ودلال  سلّ جسمي وبراني/ ولها خدّ أسيل  مثل خدّ الشّيفران/ فلذا متّ ولو  عشت إذن زاد هواني". وورد كذلك في رسالة الزّوابع والتّوابع لابن شهيد شعر ساخر لحمار عاشق. ويضرب به المثل في اللّغة الفرنسيّة في العناد. من الحمير المشهورة "حمار الحكيم" وحمار أبي يزيد مخلد بن كيداد الثّائر على المنصور الفاطميّ والمكنّى بصاحب الحمار ( كما جاء في كتاب العبر ج7 لابن خلدون)، وحمار بوريدان الّذي، لافتقاده حرّيّة الاختيار الخاصّة بالإنسان يقف حائرا بين حقلين متشابهين تماما، والمثل في الأصل عن كلب وغيّر للسّبب المذكور في ظنّنا.

    مع ذلك ظلّ الحمار إلى عهد قريب وما زال في بعض المناطق من أهمّ وسائل النّقل، فهو أكثر تحمّلا من الحصان، وأنسب للأماكن الوعرة، أسهل في الرّكوب ( يذكر المازنيّ مثلا في أحد نصوصه الهزليّة كيف أعطي حمارا قميئا بعد عجزه عن امتطاء الجواد). ونجد إشادة به في عدّة مراجع في مقدّمتها القرآن الكريم الّذي ذكره كإحدى نعم الله الّذي خلقه لنا ركوبا وزينة ( في سورة النّحل). ولئن وجدنا إشارات أخرى قد تبدو سلبيّة لأوّل وهلة ( في سورة الجمعة حيث يشبّه اليهود بالحمار يحمل أسفارا لا ينتفع منها، وفي سورة لقمان حيث يقول إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير، وفي سورة المدّثّر حيث يشبّه الكفّار المعرضين عن رسالة الإسلام بحمر مستنفرة فرّت من قسورة)، فإنّها ذمّ لسلوك بعض النّاس لا يخصّه. ويشرّف الحمارَ أيضا أن ركبه أنبياء وأناس صالحون. ركبه الرّسول معروريا دون سرج، وكذلك عزير/عزرا المقصود على الأرجح في سورة البقرة، والّذي أحياه الله لإظهار قدرته؛ ومريم العذراء لدى خروجها إلى مصر خوفا على ابنها؛ والمسيح عند دخوله بيت المقدس ( متّى 21، لوقا 19، مرقس 11، ويوحنّا 12)، تصديقا للنّبوءات الّتي بشّرت بملكوته ( "هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان"). كذلك حسب العهد القديم بعث يسّى لطالوت/شاول بابنه داوود وهديّة على ظهر حمار( سفر الملوك الأوّل 16). بل تجلّى ملاك الرّبّ لأتان النّبيّ المؤابيّ بلعام عند ذهابه إلى الملك بالاق قبله هو! بل إنّ يهوه كلّم من خلاله النّبيّ. وهو في الشّريعة الموسويّة الحيوان الوحيد الّذي يمكن افتداء أبكاره بخروف شأن البشر ( خروج 34: 19-20) وجعله سفر القضاة ( 5: 10، 10: 4، 12: 13-14) ركوب الأمراء، وزعم تاكيتوس أنّ اليهود ألّهوا رأس حمار لأنّ حمرا وحشيّة دلّتهم على نبع ماء في صحراء بلاد العرب المعطشة. وله علاقة بعبادة كيريس وكذلك ديونيسوس الّذي حملته حمير من بيوتية إلى طيبة حسب الأسطورة، وكذلك وستة ربّة الموقد والمنزل عند الرّومان. وفي أمريكا يمثّل الحمار رمزُ الإصرار شعارَ الحزب الدّيمقراطيّ. وتظهره بعض قصص فيدروس بمظهر الحكيم، كما في "الحمار والشّيخ" حيث يرى أنّ المسحوقين ليسوا معنيّين بمن يملَّك عليهم، وفي "الحمار وشعير الخنّوص" حيث يحمله الحذر على الإعراض عن شعير الخنزير وقد رآه يُذبح بعد تسمينه. واستخدم الرّومان الحمار في ألعاب السّيرك، واستخدِم حليب الأتان لأغراض التّجميل ( فكانت كليوبطرة تغتسل به) وللعلاج من مرض السّلّ، وهو أقرب من حليب كلّ الحيوانات الأليفة إلى حليب الإنسان من حيث تركيبه. وللأخوين غرِمّ قصّة ظريفة عن أمير وُلد بهيئة حمار وتعلّم الموسيقى واستطاع الزّواج بأميرة ( ونجد على أوراق بردى مصريّة وعلى لوح كلدانيّ صورة لحمار يعزف على قيثار!) ويذكر فضله سعدي الشّيرازيّ: "يقال إنّ الأسد رأس جميع الحيوانات وإنّ أقلّها الحمار؛ ومن المتّفق عليه أنّ حمارا يحمل الأثقال خير من أسد يمزّق النّاي" ( روضة الورد). كذلك وجد تعاطفا لدى بعض الكتّاب كرمز للمستضعفين والمعذّبين في الأرض. هذا مثلا فرنسيس جامّس في قصيدته الرّائعة "صلاة للذّهاب إلى الجنّة مع الحمير" يتمنّى أن يسير يوم البعث نحو سدّة الله في موكب الحمير، هذه الحيوانات اللّطيفة رمز المعاناة والمهانة. وفي قصيدة "الضّفدع" يصوّر هوغو صبية يعذّبون ضفدعا ثمّ يقبل حمار يجرّ عربة وهو في حالة يرثى لها، فيضعون الضّفدع على الطّريق لتسحقه عجلتها فيبذل الحمار المنهك جهدا جبّارا  ليحيد عن بائس أتعس منه. يذكّر هذا بقصيد "الصّبية والحمار" حيث يصوّر الشّاعر ما ناله من النّكال على أيدي صبية أشقياء. وحضّه الكلب أن اصبرْ: "عساك تحظى بنعيم الجنّة"، "فقال له الحمار لاأبغيها  إن كان للصّبية حظّ فيها". ونجد شكوى بليغة للحمار من ابن آدم في حكاية الطّيور ( الليلة 147 من ألف ليلة وليلة): "عنده شيء يسمّيه البردعة فيجعلها على ظهري، وشيء يسمّيه الحزام فيشدّه على بطني، وشيء يسمّيه الطّفر فيجعله تحت ذنبي، وشيء يسمّيه اللّجام فيجعله في فمي، ويعمل منخاسا ينخسني به، ويكلّفني ما لا أطيق من الجري، وإذا عثرت لعنني وإذا نهقت شتمني وبعد ذلك إذا كبرت ولم أقدر على الجري يجعل لي رجلا من الخشب ويسلّمني إلى السّقّائين فيحملون الماء على ظهري من البحر في القِرب ونحوها كالجرار، ولا أزال في ذلّ وهوان وتعب حتّى أموت فيرموني فوق التّلال للكلاب: فأيّ شيء أكبر من هذا الهمّ وأيّ مصيبة أكبر من هذه المصائب؟" وفي رواية أبوليوس جوانب واقعيّة من سوء معاملة الإنسان للحمار.

ملاحظة: أخيرا في 3/8/2002 ( و3 آب تاريخ يذو دلالة خاصّة بالنّسبة للتّونسيّين) احتفلت جمعيّة أصدقاء الحمار في سويسرا بيوم الحمار، ولا شكّ أنّه يستحقّ هذه اللّفتة من البشر وإن أتت متأخّرة! ( 31/8/2002)

 

مضمون الرّواية الفلسفيّ

 

   لا يستبعد أن يكون لرواية أبوليوس مضمون فلسفيّ. فالكاتب نفسه فيلسوف أفلاطونيّ كما تشهد كلّ كتبه. ثمّ إنّ الكتاب الحادي عشر يبدو أوّل وهلة كأنّما أضيف بنحو تعسّفيّ إلى قصّة صيغت على النّمط الميليتيّ ( كتجميع لمغامرات ونوادر لا تخلو من الإثارة الجنسيّة): فهو ذو طابع دينيّ صوفيّ مختلف تماما. وكثير من الأمور الّتي قد تبدو غريبة لأوّل وهلة، كعدد الكتب: 11 أو كقصّة بسيشية وكوبيدون الّتي تبدو كأنّما حُشرت في نسيج الرّواية، تكتسب معنى على ضوء تأويل فلسفيّ للرّواية كنظرة أفلاطونيّة للوجود، ترينا تيه النّفس في عالم الظّواهر الحسّيّة الّذي هو ظلّ من عالم الحقيقة وإمكانيّة خلاصها: وهي نظرة أقرب إلى الأفلاطونيّة المحدثة اللاّحقة منها إلى الأفلاطونيّة الأصليّة. ويتجلّى الطّابع الوهميّ لعالم الظّواهر كما جاء في رواية أبوليوس في:

1-    التّحوّلات: لوقيوس، مروة، بنفيلة، السّاحرات سارقات أعضاء الأموات، أختيون، الشّيخ التّنّين...

2-    التّنكّر: ثراسيليون، تليبوليموس ( منتحل شخص هيموس المتنكّر في زيّ امرأة)، أفلوطينة...

3-الخداع: أنف وأذنا تليفرون، أختا بسيشية، ثمّ هي نفسها معهما، الأشخاص الّذين يلاقونها في العالم السّفليّ، ثراسلّوس وخريطة، فخذ الحمار مكان فخذ الظّبي، كهنة الآلهة السّوريّة وإلى حدّ ما ديوفانس، الخيانات الزّوجيّة ( الأرملة في قصّة تليفرون، زوجات الحدّاد وبربروس والطّحّان والقصّار)، فيلستروس مع بربروس ومرمكس، محبّة ربيبها، شهادة العبد، القاتلة بالجملة المحكوم عليها بالإعدام والطّبيب ضحيّتها...

4-    العروض: عيد الضّحك والمحاكمة المزيّفة، عرض كنخرية، المشهد التّهريجيّ في موكب إيزيس...

5-    الفنّ سيما التّشكيليّ كمحاكاة للطّبيعة، وهو موضوع يتردّد عند أبوليوس...

6-    تغلّب الحسّ على العقل: سقراط، عاشقة ربيبها، ثراسلّوس، فارس في مشهد التّحكيم، عاشقة الحمار...

   وليس معنى هذا أنّ هدف أبوليوس فلسفيّ بالأساس، كما هو الشّأن مثلا في قصص ابن سينا أو ابن طفيل الفلسفيّة، بل الأرجح أنّ أبوليوس اختار حبكة روائيّة ممتعة في حدّ ذاتها ويمكن أن تكفي القارئ العاديّ ليبلّغ من خلالها بعض أفكاره الفلسفيّة، ومنها أنّ الخضوع للحسّ وعالم الظّواهر ينزل بالنّفس الإنسانيّة إلى مصافّ البهيمة لكنّها بالحبّ والاتّصال بالألوهة، على النّحو الصّحيح، تعود إلى محلّها الأرفع. ومن ثمّة تصير قصّة بسيشية الّتي تتوسّط الرّواية إيذانا بخلاص لوقيوس هو أيضا. من الطّريف مثلا أنّ العطّار يضرب في "منطق الطّير" 1922-1937 مثلا عن الشّخص الضّائع في طريق الدّين بقصّة صوفيّ يجد نفسه بين منحرفين كلوقيوس مع رهبان الرّبّة السّوريّة. لاحظ كذلك أنّ الحمار في قصّة مولانا جلال الدّين الرّوميّ عن عاشقة الحمار رمز للنّفس، إذ يقول: "واعلم أنّ هذه النّفس البهيميّة حمار فحل، وأن يكون المرء تحتها خاضعا لها أشدّ عارا"، وكذلك هو الشّأن في مثل الحمار الّذي وُضعت شوكة تحت ذيله، وفي مثل عيسى والحمار 2: 1854-1874 حيث يمثّل النّفس الشّهوانيّة بالحمار والرّوح أو العقل بعيسى الرّاكب عليه كما جاء في الإنجيل ( متّى 21: 2-6، مرقس 11: 2-7، لوقا 19: 30-35 ويوحنّا 12: 4 مع بعض الاختلافات). ونجد هذا التّمثيل للنّفس الشّهوانيّة أو الجسد بالحمار عند إبكتيتس، الفيلسوف الرّواقيّ الشّهير 55-135 م تقريبا وليد هيرابوليس ( باموكّلة بتركيا) والّذي ربّما أوحت طرفة تروى عنه لأبوليوس بقصّة الحمار شارب الخمر ( 10-16) في الكتاب الّذي جمعه تلميذه أرّيانوس 4: 1، حيث يقول كلاما يذكّر بنحو عجيب بحادثة الجنّان والعسكريّ: "يجب أن تمتلك جسدك بكامله كحمار مسكين مثقل بحمله طالما كان ذلك بوسعك وطالما أتيح لك ذلك، لكن إن طرأ طارئ وكان لا بدّ أن يفتكّه منك عسكريّ فسلّمه ولا تقاوم ولا تنبس بكلمة، فإن فعلت فقد تتلقّى كذلك ضربا وتفقد الحمار مع ذلك." بينما يُرمز للنّفس العاقلة، الّتي هي نفحة من الألوهة، بالطّير كما ذكرنا ( طير مينرفة، ابن سينا، العطّار، مثلا في صورة الطّيور الثّلاثين وملكها سيمرغ أو طير الققنوس 2321-2353، كما صُوّر الرّوح القدس في الأناجيل بالحمامة متّى 3: 16، مرقس 1: 10، لوقا 3: 22، الخ).

 

 

..>>