ماغون القرطاجنّيّ

 

شذرات في الفلاحة

 

1- ماغون وأدب الفلاحة القديم

 

حواش 

9

8

7

6

5

4

3

2

1

مقدّمة

 1-6 كتب الفلاحة العربيّة

   تُرجمت إلى العربيّة بعض كتب الفلاحة اليونانيّة والسّريانيّة، منها فلاحة أنطوليوس أو يونيوس، والفلاحة الرّوميّة لقسطوس. ونقل ابن وحشيّة "الفلاحة النّبطيّة" حسب قوله من كتب الكسدانيّين. وجمع أبو بكر الأنصاريّ الدّمشقيّ تعاليم الفلاحتين في "الدّرّ الملتقط في علم فلاحتي الرّوم والنّبط". وبدأت الكتابة في الخيل والفروسيّة منذ ق 2 ه بالاعتماد على تراث العرب ( عمرو بن كركرة أستاذ الخليل، خلف الأحمر، هذا سوى فصول عن الخيل في كتب الأدب كعمدة ابن رشيق المتأخّر). وتُرجمت لاحقا كتب من اليونانيّة والفارسيّة، وتذكر بعض المؤلّفات آراء الهند لكنّ ذلك لا يعني ترجمة كتب هنديّة. وربّما تُرجم "كتاب البيطرة" لحنين بن إسحاق عن كتاب لثيومنستوس، وهناك في إسطنبول مخطوط لكتاب في "علاج الدّوابّ والبقر والغنم وأدويتها" يعتمد كثيرا عليه ( ويستشهد كذلك "بأبقراط")، وآخر لكتاب مترجم من الفارسيّة ( ق 9 م) بعنوان "كتاب البيطرة في صفة الدّوابّ من الخيل والإبل وغيرها". وظهرت مؤلّفات عربيّة في الفلاحة والبيطرة في المشرق والمغرب، منها كتب الأندلسيّين ابن بصّال وابن وافد وابن حجّاج الإشبيليّ ( ق 5 ه) وابن العوّام ( نهاية القرن 6 ه 12 م)، والسّلطان الأشرف ( ت 696 ه) وإبراهيم بن يحيى الوطواط (632-718 ه) وأبي بكر بن البدر البيطار صاحب "كامل الصّناعتين في البيطرة والزّردقة" ( 709-741 ه أو 1309-1340 م) والسّلطان المجاهد ( 706-764 ه) ورضيّ الدّين الغزّيّ ( ت 935 ه 1521 م) وعبد الغنيّ النّابلسيّ ( ت 1143 ه 1731 م) صاحب "علَم المَلاحة في علْم الفَلاحة". وتدعو دراسة ماغون إلى دراسة الفلاحة النّبطيّة الّتي تمثّل ( إن صدّقنا ابن وحشيّة) تجربة أمّة قريبة من الفينيقيّين، واستشهادات ابن حجّاج وابن العوّام ببعض الكتّاب ككسيوس/كسينوس نقلا عن مصادر مفقودة.

1-6-1 ابن وحشيّة والفلاحة النّبطيّة

   يحيط بشخصيّة ابن وحشيّة الغموض، ذكر له ابن النّديم في الفهرست كتبا في السّحر والخيمياء والسّموم منها "السّحر الصّغير" و"مذاهب الكلدانيّين في الأصنام" و"أسرار الكواكب" و"شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام"، فضلا عن كتاب "الفلاحة النّبطيّة" الّذي أملاه على تلميذه أبي طالب الزّيّات ح 290 ه ونقله حسب قوله من الكتب "النّبطيّة" المكتوبة "باللّغة السّريانيّة القديمة"، أي الآراميّة. وقد قصد بالنّبط الكلدان لا العرب الثّموديّين في مملكة بترا. والنّبطيّ حسب ياقوت "ما لم يكن راعيا أو جنديّا عند العرب من ساكني الأرضين"، وحسب ابن منظور من "يستنبط ما يخرج من الأرض". وقد جمع مادّته حسب قوله 3 من علمائهم: صغريث وينبوشاد وقثامى، وذكر علماء آخرين بعضهم أسطوريّ كآدم وأشيثا ودواناي، وإلى جانب الكسدانيّين علماء كنعانيّين كصردايا وطامثري اللّذين نسب إليهما مثلا فكرة تأثير النّجوم على النّبات، أو تحديد الأوقات الّتي يكون فيها القمر فوق أو تحت الأرض. وتعود تلك الكتابات إلى آلاف السّنين حسب إشاراته الّتي تذكّر بالتّواريخ البابليّة القديمة ذات الطّابع الأسطوريّ، كالّتي أوردها برعشّا أو يمبليخوس. ورغم أنّه ثمرة نقل جيل عن السّابق، يتضمّن نقاشات بين العلماء وموقفا نقديّا إزاء المعلّمين ودعوة إلى البحث ( كما في استطراد لقثامى في باب "طبايع الأرضين") تخالف الصّورة الّتي يقدّمها مؤرّخو العلوم عادة عن معارف شعوب الشّرق المتوارثة بلا تغيير طوال قرون.

   يحتوي الكتاب على المواضيع التّالية: الزّيتون وخواصّه، استنباط المياه وهندستها والاستدلال عليها، الآبار، إصلاح المياه، إفلاح عدد من النّباتات (34)، إصلاح الضّياع، الوكلاء، الدّلائل، اختبار لمعرفة الزّروع الّتي تخصب كلّ سنة، رزنامة أعمال ( بحسب الشّهور الشّمسيّة)، القمر والأزمنة، الرّياح، آفة النّجوم، طبائع الأرضين، الأزبال، استئصال النّباتات الطّفيليّة، اختيار الأرض لشتّى الغراسات، الحبوب المقتاتة ونباتات أخرى (86)، علل الأراييح والطّعوم والألوان، البقول (70)، الكروم، الشّجر المثمر (40) وأشجار الخشب (35)، التّراكيب، باب الفايدة الكبرى، النّخل، خاتمة.

   لم يأت فيه كما نرى سوى الجانب النّباتيّ، ولم تُذكر في رزنامته الأعمال المتعلّقة بالحيوان، لكنّ ابن وحشيّة أكّد أنّ الأصل الّذي ترجم عنه يضمّ كتابا "في سياسة البقر والغنم وغيرها من الدّوابّ وفي اتّخاذ الحمام والوراشين واستجلابها والعصافير والكراكيّ وغيرها من أصناف الطّاير"، ووعد قثامى في "باب ذكر طبائع الأرضين" عند حديثه عن البقر: "سنقول في سياسته وعلاجاته إذا مرض"، ويوحي بصدقه توسّعه في الزّبول وإشاراته العديدة إلى الحليب ومشتقّاته ( 90 مرّة) وإلى أعلاف الحيوان ( الكرسنّة كعلف للبقر مدرّ للحليب، الحلبة للإبل، الحنطة المقليّة والشّعير المقشّر والتّرمس مع التّبن للدّوابّ الهزيلة، الباقلّى ودقيق الشّيلم المعجون بماء للحمام، كما ذكر أيضا ابن العوّام 31: 1-2، 32: 0، 32: 17 و34: 1)، وإشارته بطباخة الغار لمكافحة ذباب الدّوابّ ( ع 31: 1) وبحراثة الأرض الجبليّة في الصّيف ليلا مع رشّ الماء على البقر ومسح رؤوسها وأعناقها ( باب طبائع الأرضين)، وقصّة أوردها عن سرقة 30 بقرة من حظائر الملك رحموتا ( لكنّ مترجمي ابن العوّام أخطآ في نسبة وصفة تقوية الحافر بخليط من دهن الخنزير ودهن الماعز والكبريت إلى ف ن 32: 22). ورغم تقديم عدّة وصفات يدخل فيها العسل ومشتقّاته والإشارة باستخدام الهليون لوقاية جاني العسل من لسع الزّنابير، لم يترجم كتابا عن النّحل لأنّ الكسدانيّين لم يعتنوا بتربيته حسب قوله إلاّ في بعض المناطق ( ربّما لأنّ بلاد ما بين النّهرين خاصّة في الجنوب كانت تستعيض عنه بدبس التّمر، حتّى أنّ الأكّديّة تستخدم للعسل والدّبس كلمة واحدة: دِشبوم، أوا نسب كليمان مولّيه إلى ف ن بخصوص أغذية النّحل 34: 6 خطأ). ويلاحَظ خلوّ الكتاب من النّساء، وأسعار الموادّ والأرض، والبيع والشّراء والكراء، والضّرائب ومن معطيات اقتصاديّة مرقّمة إلاّ في ما ندر ( كإنتاجيّة الحبوب في إقليم بابل ومناطق أخرى، ومردود الحنطة من الخبز، وبعض المدد الضّروريّة لإثمار النّبات كالنّخل، ومقادير الأزبال والماء لعلاج الأراضي، وأسعار بقل الرّمل!). ويهاجم أعمال السّحرة أحيانا، لكنّه يحمل طابعا سحريّا. وفي بعض مقاطعه تتمازج أفكار ابن وحشيّة والكتّاب الّذين ترجم لهم حسب قوله، ممّا دفع بعض النّقّاد، مع أسباب أخرى، إلى تصوّر أنّه هو- أو ابن الزّيّات "كاتبه"- وضعه نقلا من مصادر يونانيّة.

   في ف ن أفكار شبيهة بأفكار ماغون، كما يوحي ذكر كتّاب كنعانيّين بوجود علاقة بينهما سنحاول تبيّنها.

1-6-2 ابن حجّاج وابن العوّام

   ضمّن ابن حجّاج "المقنعَ" أفكارا لكتّاب الموسوعة البيزنطيّة وكتّاب عرب، وتناول فيه إلى جانب القسم النّباتيّ تربية النّحل والدّواجن، مفردا لتربية وعلاج الحيوان كتابا ضاع ذكره ابن العوّام أيضا ( 33: 12). وهي تتألّف من 35 بابا في 1 معرفة الأرض 2 الزّبول 3 المياه 4-9 البستنة ( غراسة الأشجار وتسميتها وتركيبها وتقليمها) 10-16 عمارة الأرض، التّزبيل، الرّيّ، التّذكير، علاج النّبات من الآفات، ملح مستظرفة في شتّى الثّمار، اختزان الغلال 17-22 زراعة الحبوب وما شابهها ( الحرث، الزّرائع المناسبة، وقت الزّراعة، الحبوب المقتاتة، نباتات الكساء، الخ) 23-26 المباقل وشتّى أنواع البقول والبزور المستعملة في الأطعمة 27-28 الجنائن ( الأحباق والرّياحين والأفاويه) 29 تقدير الزّرائع، الحصاد، الدّراس، الخزن 30 باب جامع ( قطع الخشب، التّسييج، طرد الحشرات والحيوانات، الخ) 31-35 تربية الحيوان ( البقر والضّأن والماعز، الخيليّات، البيطرة، الدّواجن والنّحل، الكلاب). وقد أورد مصادره، ذاكرا آراء عدّة كتّاب يونان وروم ( يصعب التّعرّف على بعضهم كمهراريس وسدهامس)، وكسدانيّين وكنعانيّين ( عن ف ن) وعرب ( أندلسيّين خاصّة). والكتاب 35 عن الكلاب مفقود، لكنّ قسما كبيرا من "المنصوريّ في البيزرة" الّذي أُلّف في فترة قريبة ( ح 645 للمستنصر بالله الحفصيّ) ويعتمد على مراجع أقدم ( المتوكّليّ وكشاجم) يتناول كلاب الصّيد في السّفر 4 المتبقّي منه ( الفصول 1-16 4ب-96ب)، ويعطي فكرة عن محتواه.

   وقد ذكر ابن حجّاج وابن العوّام أسماء كتّاب لا يطابق جلّها الّتي ذكرها فوتيوس وجيوبونيكا اليونانيّة. ونسبا إلى ديمقراطيس وبارون أفكارا لا تطابق تماما ما نسبت إليهما جيوبونيكا. لذلك لا بدّ قبل الاعتماد على نصوصهما لدراسة فلاحة بولوس وتأثيره، كما فعل فلّمانّ، من التّحقّق من عدم خلطهما أو خلط مصدرهما بين اسمه وأسماء كتّاب آخرين. وقد أورد ابن العوّام أفكارا لكسيوس عن تسميد البقول بالرّماد ( 2: 8) وحفر الأبياش ( 6: 0) وغراسة الزّيتون ( 7: 1) والتّطعيم ( 8: 1) وتآلف وتضادّ النّباتات ( 12: 2) ومكافحة الدّود ( 14) وزراعة الحمّص ( 21: 2) وحفظ السّلافة ( 30: 6) والدّلائل ( 30: 10) وصنع ممشاط لإزالة الحشائش ( 30: 11) ومواصفات البقر ( 31: 1). ويبدو من بعضها لدى المقارنة بأخرى أنّه مترجم ماغون. وسنحاول أن نتبيّن إن كان هو وكسينوس شخصا واحدا. ووردت في القسم الحيوانيّ وصفات ماغونيّة منسوبة لابن أبي حزام ربّما وصلت عن طريق ثيومنستوس.

 1-7 شذرات ماغون وملخّصيه، وتأثيراته المحتملة

1-7-1 الشّذرات

   يقدّم الجدول التّالي شذرات ماغون وملخّصيه سواء كانت شهادات أو استشهادات سندرسها بالتّفصيل ( م: ماغون، د: ديونسيوس، ف: ديوفانس، إ: إدارة، ط: طبيعيّة، ب: موارد بشريّة، ت: تقنيّة).

شذرات ماغونيّة

الكاتب

القسم

الموضوع

الموضع

المرجع

رقم

م

شهادة ضمنيّة ( الحدود)

"من كتب ماغون وفيقوية"

1: 350

مجموعة مسح الأراضي

ل1

م

شهادة عامّة

كتب ماغون لإدارة الضّياع

1: 48 (249)

شيشرون: "في الخطيب"

2

م، د، ف

شهادة عامّة

مؤلّف ماغون

1: 1: 7-11

وارّون: "في الفلاحة"

3

ف

عموميّات ط

علامات جودة الأرض

1: 9: 7

 

4

د

عموميّات إ ب

اليد العاملة الفلاحيّة

1: 17: 3-7

 

5

د

عموميّات إ ت

أنواع وترتيب الأزبال

1: 38: 1-3

 

6

م، د

تربية ماشية

البغلة تلد في إفريقية

2: 1: 27

 

7

م

شهادة ( تربية ماشية)

تعاليم لحفظ صحّة القطيع

2: 5: 18

 

8

م، د

شهادة ( تربية دواجن)

تعاليم لتربية الدّواجن

3: 2: 13-14

 

9

م

أشجار ( زيتون)

غراسة الزّيتون

17: 1-4

كولوملاّ: "في الأشجار"

10

م، د، ف

شهادة عامّة

مؤلّف ماغون

1: 1

          "في الفلاحة"

11

م

عموميّات إ ب

حضور ربّ الضّيعة

1: 1: 12

 

12

م

أشجار ( كرم)

توجيه حقل الكرم

3: 12

 

13

م

أشجار ( كرم)

وضع أحجار في الحفر

3: 15

 

14

م

أشجار ( كرم)

موسم الكسح

4: 10

 

15

م

أشجار ( كرم)

غراسة الكرم

5: 5: 4

 

16

م

تربية ماشية

مواصفات البقر المثاليّ

6: 1: 2-3

 

17

م

تربية ماشية/ بيطرة

خصي العجول

6: 26: 1-4

 

18

م، د

تربية ماشية

البغلة تلد في إفريقية

6: 37: 3

 

19

م

تربية دواجن ( نحالة)

إنشاء النّحل من جثّة ثور

9: 14: 6

 

20

م

تربية دواجن ( نحالة)

لا يجب قتل كلّ الزّنابير

9: 15: 3-4

 

21

م

تصنيع ( عامّ)

إعداد وحفظ الأغذية

12: 4-6

 

22

م

تصنيع ( نبيذ)

صنع نبيذ العنب المشمّس

12: 39

 

23

م

تصنيع ( فواكه)

حفظ الرّمّان

12: 46: 5-6

 

24

د

تربية دواجن ( نحالة)

جني العسل

11: 15 (38)

بلينيوس: "التّاريخ الطّبيعيّ"

25

م

أشجار ( جوزيّات)

زراعة حبوب اللّوز

17: 11 (63)

 

26

م

أشجار ( زيتون)

أبياش الزّيتون

17: 16 (80)

 

27

م

أشجار ( زيتون)

المسافة بين أشجار الزّيتون

17: 19 ( 93-94)

 

28

م

أشجار ( زيتون)

موسم غراسة الزّيتون

17: 30 (128)

 

29

م

أشجار ( جوزيّات)

موسم غراسة اللّوز

17: 30 (131)

 

30

م؟

عموميّات: الأرض

علامات الأرض الجيّدة

18: 7 (34) ؟

 

31

م

عموميّات إ ب

حضور ربّ الضّيعة

18: 7 (35)

 

32

م

تصنيع ( حبوب)

طحن الحبوب

18: 23 (97)

 

33

م

أعشاب برّيّة

قطف الزّنبق- أنواع الأسل

21: 68-69 (109-111

 

34

م

أشجار ( جوزيّات)

زراعة اللّوز

3: 1

غ مرتياليس: أشجار مثمرة

35

م

أشجار ( جوزيّات)

اللّوز في لباب الحلتيت

3: 3

 

36

م

أشجار ( جوزيّات)

زراعة الكستناء

4: 1

 

37

م

أشجار ( كرم)

أبياش الكرم

3: 10: 3-4

بلاّديوس: "في الفلاحة"

38

م

تربية ماشية/ بيطرة

خصي العجول

6: 7: 1-4

 

39

م

بيطرة

علاج الحصر

8: 150

بيلاغونيوس: "فنّ البيطرة" 

40

م

شهادة ( عامّة)

كتّاب الفلاحة القدماء

17: 1: 1

إيسيدور: "أصول الكلمات"

41

 

تابع