ترتلّيانوس

 

دفاع عن التّوحيد

 

مقدّمة المترجم

 

حواش 

 

 

 

 

 

 

 

4

3

2

1

مقدّمة

 

 

تر تلّيانوس: المنافحة

( أو دفاع عن التّوحيد) 

 

مقدّمة المترجم

 

  يعَدّ الإفريقيّ كوِنتوس سبتيموس فلورنس ترتلّيانوس مؤسّس الأدب النّصرانيّ اللاّتينيّ وأحد أفضل النّاثرين وُلد حوالي 160 م بقرطاج في أسرة وثنيّة. بعد دراسته اشتغل بالمحاماة في رومية ثمّ عاد إلى قرطاج في 195 وكتب خطابه هذا دفاعا عن النّصارى في 197، فكان أوّل من كتب في هذا النّوع باللاّتينيّة إذ كتب سابقوه كأرستيدس ويستينوس وأثيناغوراس وأوريجينس أو تاتيانس باليونانيّة. عُرف بتشدّده مثلا في موقفه من المسرح والفنون والحجاب وزواج الأرامل والصّوم وقدرة القسّ على غفران الذّنب باسم المسيح، ممّا جعله ينضمّ لاحقا إلى فرقة المُنتانيّين ثمّ ينشقّ عنها مؤسّسا فرقة بدّعتها الكنيسة الكاثوليكيّة. ومن المفارقات أنّه أوّل من قدّم أساسا نظريّا لسلطة الكنيسة في تأويل الكتاب المقدّس والتّبديع. توفّي 220-225 م. وقد رأينا ترجمة المنافحة لأسباب منها:

    1- قيمتها بالنّسبة لدراسة التّاريخ الدّينيّ والاجتماعيّ لإفريقية والامبراطوريّة الرّومانيّة.

    2- قيمتها الأدبيّة، فترتلّيانوس معلَم بارز يندرج ضمن عدّة كتّاب أفارقة لعبوا دورا هامّا في الدّفاع عن النّصرانيّة كفيلكس معاصره وأرنوبيوس وكبريانوس وأغسطينوس لاحقا. وهو ينفرد بينهم بحدّة وقوّة ردّه، فحماسه يختلف مثلا عن دفاع فليكس المصوغ في شكل حوار مهذّب، وحججه تختلف عن الّتي نجدها في منافحة أثيناغوراس مثلا في قوّة صياغتها أكثر ممّا تختلف في المضمون، وبعكس أوريجينس مثلا يرفض الحضارة اليونانيّة الرّومانيّة وإرثها الثّقافيّ جملة وتفصيلا مع سعة إلمامه بهما ويشبه في ذلك تاتيانوس، وهو في أسلوبه يعتمد على وقع صيغه الخطابيّة وتعابيره المفاجئة أكثر من قوّة المنطق.

3- أنّ المسلمين في إطار الحوار مع النّصرانيّة بحاجة إلى معرفة المزيد عنها وعن تاريخها وأدبيّاتها، والدّيانتان رغم اختلافهما العقائدي خرجتا من مشكاة واحدة وترفعان قيما متشابهة أو متقاربة.

   4- أنّ الاضطهاد الّذي عانى منه النّصارى في الامبراطوريّة الرّومانيّة طيلة 3 قرون، لكن بصفة غير منتظمة، يشبه في مبرّراته ( الإجرام، عدم الاندماج، عدم الجدوى الاقتصاديّة، رفض قيم المجتمع الرّومانيّ) إلى حدّ ما اضطهاد المسلمين اليوم في ظلّ النّظام العالميّ الجديد.

  5- أنّ في الأدب العربيّ رافدا نصرانيّا مهمّا منذ الجاهليّة حتّى إن كان جلّ شعر الجاهليّين النّصرانيّ منحولا.

   يتوجّه ترتلّيانوس في منافحته إلى ولاة الأقاليم الرّومانيّة فيدعوهم إلى إعادة النّظر في قضيّة النّصارى نافيا وجود أساس قانونيّ لاضطهادهم. ثمّ يردّ على التّهم الموجّهة إليهم، سواء الفرى عن ممارسات خفيّة كالضّحايا البشريّة وزنا المحارم، أو امتناعهم جهرا عن المشاركة في عبادة الآلهة الوثنيّة والامبراطور، منتقدا بعنف دين الرّومان ومؤكّدا ولاء النّصارى للامبراطوريّة واندماجهم في نسيجها الاقتصاديّ والاجتماعيّ. أخيرا يؤكّد اختلاف النّصرانيّة عن الفرق الفلسفيّة ومصدرها الإلهيّ مشيدا بروح التّضحية عندهم ومندّدا بغوغائيّة السّاسة. من كلماته الشّهيرة: "النّفس بالفطرة على دين التّوحيد"، "بذر هو دم النّصارى"، "النّاس لا يولدون، بل يصيرون نصارى"، "انظر كيف يحبّ بعضهم بعضا".

   وقد وضعنا بين قوسين المقاطع الّتي لم ترد في كلّ النّسخ، وعلامة * على بعض الأسماء والمقاطع الّتي علّقنا عليها في آخر الكتاب، كما ألحقنا ملخّصا لمنافحته لتمكين القارئ من متابعة تسلسلها. ونرجو أن نكون وُفّقنا في التّرجمة والله وليّ التّوفيق.                          عمّار الجلاصي، 3/3/2001