ترنتيوس
الأعمال المسرحيّة
4- فرميون
|
||||||||||||||
الفصل
الرّابع
المشهد
الأوّل (567-590)
ديميفون،
خريمس ديميفون : ماذا؟
هل اصطحبت معك
ابنتك الّتي سافرت
من أجلها إلى لمنوس*
يا خريمس؟ خريمس : لا. ديميفون : ولم لم
تفعل؟ خريمس : بعدما
رأت أمّها أنّي
بقيت هنا أطول
ممّا كان مفروضا،
وفي نفس الوقت
لم يعد عمر الفتاة
يحتمل مزيدا من
الانتظار بسبب
إهمالي، سافرت،
على ما يقال، مع
كلّ الأسرة لتلتحق
بي هنا. ديميفون : فلِم
بقيت تنتظر هناك
كلّ هذه المدّة
بعدما سمعت بالخبر؟
خريمس : عطّلني
مرض وحقّ بولكس*.
ديميفون : ممّ؟
وكيف؟ خريمس : تسألني؟
الشّيخوخة في
حدّ ذاتها مرض.
لكنّي سمعت من
النّوتيّ الّذي
أقلّهما أنّهما
وصلتا سالمتين.
ديميفون : وهل سمعت
يا خريمس بما وقع
لابني أثناء غيابي؟
خريمس : نعم،
ولقد جعلني ذلك
في حيرة من أمري.
لأنّي إن قبلت
تزويج ابنتي من
غريب فلا بدّ أن
أذكر له كيف وأين
أنجبتها. كنتُ
أعلم أنّ بوسعي
استئمانك على ذلك
السّرّ كنفسي
تماما. أمّا الغريب،
إن ودّ مصاهرتي،
فسيكتم السّرّ
طالما بقيت المودّة
بيننا. لكن إن خاصمني،
فإنّه قطعا يعلم
أكثر ممّا ينبغي
للأريب. وأخشى
ألاّ يتنامى الخبر
إلى مسامع زوجتي
بطريقة أو بأخرى،
ولن يبقى لي إذّاك
سوى الخروج من
بيتي والرّحيل.
فأنا وحدي، دون
كلّ ذويّ، مضمون
الولاء لي. ديميفون : أعلم
أنّ الأمر كما
ذكرت، وهذه المسألة
تكدّرني. ولن أكلّ
عن المحاولة حتّى
أنجز ما وعدتك.
المشهد
الثّاني (591-605) غيتا،
ديميفون، خريمس غيتا : (
مخاطبا نفسه) لم
أر أبدا شخصا أدهى
من فرميون. ذهبت
إليه لأخبره بحاجتي
إلى النّقود وأفسّر
كيفيّة الحصول
عليها، فما كدت
أنهي نصف كلامي*
حتّى فهم. فابتهج
وأخذ يثني عليّ
ويبحث عن الشّيخ
ويحمد الآلهة*
على منحه فرصة
ليثبت لفدريا
أنّ صداقته له
لا تقلّ عمّا يربطه
بأنتيفون. طلبت
منه أن ينتظرني
بالقصبة* حيث سأجلب
له الشّيخ، لكن
مهلا هو ذا الشّيخ
بنفسه. من وراءه؟
يا خبر، أبو فدريا
جاء. لكن ما أغباني،
لم الخوف؟ ألأنّي
الآن مُنحت اثنين
لأخدعهما بدلا
من واحد؟ بل أرى
أنسبَ استغلال
أملين في آن واحد.
أبدأ بطلب حاجتي
من سيّدي. إن أعطى
فبها، وإن لم أنل
منه شيئا، أتوجّه
حينذاك إلى الغريب.
المشهد
الثّالث (606-681)
أنتيفون،
غيتا، خريمس،
ديميفون أنتيفون : ( مخاطبا
نفسه) أنتظر عودة
غيتا. لكن أرى عمّي
واقفا مع أبي. لهف
نفسي، كم أخاف
ما سيدفع مجيئه
أبي إلى فعله. غيتا : (
مخاطبا نفسه) سأدنو
منهما. ( رافعا صوته)
أخا سيّدنا خريمس... خريمس : سلاما
يا غيتا. غيتا : يسرّني
رجوعك سالما! خريمس : أنا واثق
من ذلك. غيتا : كيف
حالك؟ مستجدّات
كثيرة هنا للعائد
من سفر كما هي الحال
دوما؟ خريمس : كثيرة
جدّا. غيتا : فعلا.
وهل سمعت بما جرى
لأنتيفون؟ خريمس : كلّ شيء.
غيتا : (
مخاطبا ديميفون)
أنت أخبرته؟ ( مخاطبا
خريمس) فعلة نكراء
المكر به بهذا
الشّكل يا خريمس!
خريمس : في هذا
الموضوع بالذّات
كنت أخوض معه. غيتا : أنا
أيضا وحقّ هرقل*
بقيت أقلّب الأمر
في فكري، حتّى
وجدت له في اعتقادي
حلاّ موفّقا. خريمس : ماذا
يا غيتا؟ ديميفون : أيّ حلّ؟
غيتا : لمّا
انصرفت من عندك،
عرض لي صدفة فرميون.
خريمس : من فرميون؟
غيتا : الرّجل
الذي دبّر لسيّدي... خريمس : أعرف.
غيتا : بدا
لي أن أختبر نواياه.
أخذت الرّجل على
انفراد وقلت له:
"لِمَ لا نسوّي
المسألة بالحسنى،
بدل حلّها بالسّوءى.
سيّدي إنسان سمح
يفرّ الخصومات.
والسّاعة أشار
عليه كلّ أصدقائه
بالإجماع وحقّ
هرقل* أن يقذف بها
من بيته." أنتيفون : ( مخاطبا
نفسه) أيّة خطّة
يدبّر الألعبان,
إلى أين يرمي ترى؟
غيتا : "هل
ستقول إنّه سيقع
تحت طائلة القانون
إن طردها؟ فُحص
هذا الاحتمال.
ويحك ستتعب كثيرا
إن دخلت في مواجهة
مع رجل مثله، فهو
يتقن المرافعة.
ثمّ هب أنّه خسر
القضيّة، في نهاية
الأمر الرّهان
بالنّسبة له ليس
حياته بل ماله
فقط." لمّا بدا
لي أنّ هذه الأقوال
ليّنته قلت: "اسمع
يا هذا، قل ماذا
تطلب عيناً كي
يعدل سيّدي عن
إقامة دعوى وترحل
البنت وتكفّ عن
إزعاجه." أنتيفون : ( مخاطبا
نفسه) أيوفّقه
الآلهة ترى؟ غيتا : "لو
عرضت عليه تسوية
عادلة، أنا واثق
نظرا لطيبته أنّكما
لن تتبادلا اليوم
أكثر من ثلاث كلمات."
ديميفون : لكن من
أذن لك بالتّحدّث
إليه بهذا النّحو؟
خريمس : بالعكس،
لا توجد طريقة
أفضل من هذه للوصول
إلى مرادنا. ديميفون : واصل
حديثك. غيتا : في
البداية اشتطّ
الرّجل عليّ. ديميفون : قل ماذا
طلب؟ غيتا : ماذا؟
كثيرا. أيّ مبلغ
عنّ بباله. ديميفون : قل. غيتا : وزنة*
كاملة! ديميفون : بل ليرح
في داهية. أما يستحي؟
غيتا : ذاك
بالضّبط ما قلت
له: "قل لي: أهو بحقّ
السّماء يزوّج
ابنته الوحيدة؟
ما أجداه كثيرا
عدم إنجاب البنات
فها قد وجد من تطالبه
بمهر*." بإيجاز
ودون عرض كلّ ترّهاته
كان هذا قوله في
النّهاية: " لقد
أردت منذ البداية
الزّواج ببنت
صديقي كما كان
يجدر بي. إذ كان
يجول بذهني أنّ
من غير المناسب
إعطاءها، بسبب
فقرها، خادمة
لغنيّ. لكن كنت
بحاجة، إن شئت
أن أحدّثك بصراحة،
إلى امرأة تجلب
لي قليلا من المال
لأسدّد ديوني.
ولا أزال حتّى
الآن أرغب فيها
ولا أوثر عليها
أيّة امرأة أخرى
إن شاء ديميفون
أن يقدّم لي مثل
ما أحصل عليه من
المرأة الّتي
خطبتها." أنتيفون : ( مخاطبا
نفسه) لا أدري هل
يفعل ذلك عن غباء
أو دهاء، بتبصّر
أو بتهوّر. ديميفون : ماذا
لو كان مدينا بالحياة
إذن؟ غيتا : "قُطيْعة
أرض مرهونة لقاء
عشر مينات*." ديميفون : هيَّا،
ليتزوّجها توّا.
سأعطيه ذلك. غيتا : "ودُويرة
مقابل عشر مينات*."
ديميفون : أفّ،
مشطّ! خريمس : لا تصرخ،
خذ منّي هذه العشر.
غيتا : "ثمّ
عليّ أن أقتني
لزوجتي أميّة.
ويلزمني قليل
من الأثاث. أحتاج
كذلك إلى ما أنفق
على الزّفاف. ضع
لجملة هذه الأبواب-
والقول له- عشر
مينات* أخرى." ديميفون : ليرفعْ
عليّ بالأحرى
ستّمائة دعوى
على كلّ باب، لن
أعطي شيئا. أصار
الآن ذلك النّذل
يهزأ منّي؟! خريمس : رجاء
هدّئ غضبك، أنا
سأعطيه، وما عليك
أنت سوى أن تحمل
ابنك على الزّواج
بالّتي نبتغي.
أنتيفون : ( مخاطبا
نفسه) واتعس نفسي!
قتلتني يا غيتا
بحيلك. ديميفون : ستُطرد
بسببي، فمن العدل
أن أعوّضها عن
الضّرر. غيتا : قال
أيضا: "أكّد لي
بأسرع ما يمكن
لأتبيّن أمري
هل سيعطونني تلك
لأدع هذه." خريمس : فليستلم
النّقود فورا،
وليخبرْهم بفسخ
الخطوبة ويتزوّج
بهذه. ديميفون : وليعدْ
عليه ذلك ويلا
وبؤسا. خريمس : لحسن
الحظّ حملت معي
نقودا من ريع العقارات
التّابعة لزوجتي
بلمنوس*. سأسحب
منها وأخبر زوجتي
أنّك احتجت إلى
ذلك المبلغ. ( ينصرفان
لجلب النّقود)
المشهد
الرّابع (682-712)
أنتيفون،
غيتا أنتيفون : غيتا! غيتا : عفوا!
أنتيفون : ماذا فعلتَ؟
غيتا : استخلصت
النّقود من الشّيخين.
أنتيفون : هل يفي ذلك
بالمقصود؟ غيتا : لا
أدري وحقّ هرقل*.
فأنا عبد مأمور.
أنتيفون : أتجيبني
جنب سؤالي يا جلد
السّوط؟ غيتا : ما
قصدك إذن؟ أنتيفون : ما قصدي؟
بفضلك لم يعد لي
حلّ سوى الحبل
ألفّه حول رقبتي!
ألا سحقك كلّ
الآلهة والإلهات
الأعلون والأدنون*.
تبّا! إن أردتَ
شيئا فكِله إلى
هذا اللّئيم إن
كنت تحرص على أن
يُعتنى به جيّدا.
كنت في غنى عن تحريك
هذا الجرح وذكر
زوجتي! أدخلتَ
في ذهن أبي أمل
التّخلّص منها.
والآن قل لي: إن
يستلم فرميون
المهر*، فلا بدّ
أن يأخذ زوجته
إلى بيته، فماذا
سيقع إذّاك؟ غيتا : طبعا لن
يأخذها. أنتيفون : أعرف. أثمّ
إذا طولب بردّ
النّقود، يزجّ
به في السّجن على
الأرجح بذنبنا؟
غيتا : ليس من شيء
يا أنتيفون لا
يمكن تشويهه بعرضه
بنحو سيّء. أنت
تحذف الحسن وتبرز
السّيّء. والآن
اسمع خلاف ما ذهبتَ
إليه. إن أخذ المال
فعليه فعلا أن
يتزوّج المرأة
كما ذكرتَ، أسلّم
لك بذلك. لكنّه
سيُعطى قليلا
من الوقت لإعداد
حفل الزّواج وتوجيه
الدّعاء للآلهة
وتقديم القرابين.
في الأثناء يكون
أصحابك قد سلّموك
ما وعدوك، ومنه
سيردّ لهما ما
أخذ. أنتيفون : لأيّ سبب؟
ماذا سيقول لتبرير
العمليّة؟ غيتا : تسألني؟
"توالت عليّ النّذر
منذ شروعي في هذا
الأمر! اقتحم علينا
البيت كلب أسود
غريب، وقع ثعبان
من على السّقف
في الفناء، أصدرت
دجاجة قوقأة عجيبة،
منعني كاهن، حظر
عليّ عرّاف مباشرة
أيّ مشروع جديد."
ذاك مبرّر وجيه
جدّا. وستقع مثل
هذه الأمور. أنتيفون : لو تقع فقط
ليت شعري! غيتا : ستقع، أنا
على ذلك وكيل. ذاك
أبوك يخرج. اذهب.
قل لفدريا إنّ
النّقود جاهزة.(
ينصرف أنتيفون)
المشهد
الخامس (713-727)
ديميفون،
خريمس، غيتا
ديميفون
:
( مخاطبا خريمس
وهو يحمل في يده
صرّة) اطمئنّ،
أقول لك. سأتدبّر
الأمر بعناية
لئلاّ يتحايل
علينا. لن أفوّت
في هذا بدون رويّة
وبدون استدعاء
شاهد. سأذكر أمامه
تاريخ وسبب التّسليم.
غيتا : ( مخاطبا
نفسه) ما أحذره
حيث لا حاجة إلى
الحذر!
خريمس : كذلك
فعلا يجب التّصرّف.
ولتعجّلْ ما دام
على نفس الرّغبة،
وإلاّ إن أخذت
الأخرى تلحّ عليه
أكثر، فربّما
أعرض عنّا.
غيتا : تبيّنت
المسألة كما هي
تماما.
ديميفون : خذني
إليه إذن.
غيتا : حالا وبدون
تأخير.
خريمس : لمّا
تنتهي من ذلك يا
ديميفون، مرّ
على زوجتي لتقابلَ
الفتاة قبل رحيلها
من بيتنا. لتقل
لها، كيلا تغتاظ
منّا، إنّا نزوّجها
فرميون، فهو أنسب
لأنّه أعرف بها،
وأنّا لم نقصّر
أو نتقاعس عن واجبنا،
فإنّما طلب منّا
تقديم مهر* لها.
ديميفون
: تبّا!
وهل يعنيك أمرها؟
خريمس
: كثيرا
يا ديميفون. فلا
يكفي أن تقوم بواجبك،
إن لم يشهد بذلك
كلام النّاس عنك.
ثمّ إنّي أريد
أن يقع ذلك برضاها
كيلا تنشر بين
النّاس أنّا طردناها.
ديميفون
: أستطيع
أن أفعل ذلك بنفسي.
خريمس
: المرأة
أنسب للمرأة. ديميفون : سأطلب
منها. خريمس : ( مخاطبا
نفسه) أتساءل أين
أستطيع أن أجدهما
الآن. |