ترنتيوس

 

الأعمال المسرحيّة

 

3- معذّب نفسه

 

حواش 

 

 

 

 

 

6

5

4

3

2

1

مقدّمة

 

 

 

الفصل الخامس
 
المشهد الأوّل (874-953)
مينيديموس، خريمس

مينيديموس: ( وحده) ما كنت أعلم أنّي بمثل هذه الفطنة. لكنّ معيني ومستشاري ومعلّمي خريمس يفوقني في هذا المجال. عليّ ينطبق ما يطلَق على الغبيّ من كنى: جذمة، حطبة، حمار، جلمود. أمّا هو فلا شيء من ذلك يناسبه فحماقته فاقتها كلّها.

خريمس: ( مخاطبا زوجته وهو يخرج) كفّي يا امرأة عن إزعاج الآلهة بتشكّراتك على وجدان ابنتك إلاّ إن كنت تحكمين عليهم بما فيك، وتظنّينهم لا يفقهون شيئا إن لم يردَّد على مسامعهم مائة مرّة. ( مخاطبا نفسه) لكن لِم  تأخّر ابني كلّ هذا الوقت مع سيروس؟

مينيديموس: من تقول إنّه تأخّر يا خريمس؟

 خريمس: واها، مينيديموس، أتيت؟ أجبني، هل أخبرت كلينيا بما قلت لك؟

مينيديموس: كلّه.

خريمس: ماذا يقول؟

مينيديموس: سُرّ طبعا، ككلّ من يرغبون في الزّواج.

خريمس: هاهاها!

مينيديموس: ما يضحكك؟

خريمس: خطرت ببالي مكائد عبدي سيروس.

مينيديموس: حقّا؟

خريمس: يستطيع اللّئيم حتّى تشكيل وجوه النّاس حسب الطّلب.

مينيديموس: تعني أنّ ابني يتصنّع السّرور من باب التّمثيل؟

خريمس: هو ذاك.

مينيديموس: نفس الفكرة خطرت ببالي.

خريمس: أريب!

مينيديموس: لو كانت لك معلومات أكثر لفهمت أكثر أنّ الأمر كما أخبرتك.

خريمس: حقّا؟

مينيديموس: أصغِ إليّ.

خريمس: انتظر، أودّ أن أعلم قبل ذلك كم كلّفتك التّمثيليّة. لا شكّ أنّ درومون، حالما أخبرتَ ابنك بأنّي أعده ابنتي، طفق يردّد عليك أنّ الخطيبة بحاجة إلى ملابس وحليّ ووصيفات كي تعطيه مالا.

مينيديموس: لا.

خريمس: كيف؟ لا؟

مينيديموس: قلت لك لا.

خريمس: ولا ابنك بنفسه؟

مينيديموس: ولا ابني على الإطلاق يا خريمس. فهو يلحّ على مسألة واحدة: أن يتمّ الزّواج اليوم.

خريمس: تقول أمورا غريبة. وماذا عن عبدي سيروس؟ ألم يذكر شيئا هو الآخر؟

مينيديموس: لا شيء.

 خريمس: لست أدري لماذا.

مينيديموس: أستغرب ذلك منك أنت الّذي تعلم جيّدا بقيّة الأمور. لكنّ سيروس أتقن إخراج دور ابنك فلم تندّ عنه أدنى إشارة تشي بأنّ الفتاة صاحبة كلينيا.

خريمس: ماذا يفعل معها؟

مينيديموس: أدع القبل والعناق. فذاك عندي كأفّ.

خريمس: ماذا يتصنّع أكثر من ذلك؟

مينيديموس: واها.

خريمس: ماذا؟

مينيديموس: اسمع فقط. لديّ بالبيت بأقصى النّاحية الخلفيّة غرفة حُمل إليها فراش وبسطت عليه الأغطية.

خريمس: وماذا تمّ بعدئذ؟

مينيديموس: دخل كليتيفون في الحال هناك.

خريمس: بمفرده؟

مينيديموس: بمفرده.

خريمس: تساورني المخاوف.

مينيديموس: ثمّ ما لبثت باخيس أن تبعته.

خريمس: بمفردها؟

مينيديموس: بمفردها.

خريمس: ويل نفسي.

مينيديموس: حالما دخلا أغلقا الباب.

خريمس: عجبا! وكلينيا يرى كلّ ذلك يتمّ أمامه؟

مينيديموس: طبعا، كان معي.

خريمس: باخيس صاحبة ابني: قُصم ظهري يا مينيديموس. 

مينيديموس: لماذا؟

خريمس: خلال عشرة أيّام تنتهي أسرتي.

مينيديموس: أتخاف لمجرّد أنّه يقدّم خدمة لصديقه؟

خريمس: بل لصاحبته.

مينيديموس: هذا إن صحّ ظنّك.

خريمس: ألديك شكّ في ذلك؟ أتظنّ هناك من يصل به اللّطف وبرودة الطّباع حدّ الرّضى بأن يرى صاحبته...

مينيديموس: ولم لا؟ للتّمويه عليّ بسهولة أكبر.

خريمس: يحقّ لك أن تسخر منّي. على نفسي أسخط، فلكم قدّما لي من علامات كان يمكنني أن أدرك منها حقيقة ما يجري، لو لم أكن غبيّا كالجلمود! لكم رأيت من حركاتهما! لكنّهما لن يفلتا بفعلتهما من انتقامي ما دمت حيّا. بدءا من هذه اللّحظة...

مينيديموس: ألا تتماسك نفسك؟ ألا تنظر إلى نفسك؟ ألستُ مثلا كافيا لديك؟

خريمس: من شدّة غضبي يا مينيديموس لا أتمالك نفسي.

مينيديموس: أعنك يصدر هذا الكلام! أليس مخجلا أن تنصح غيرك، وتُظهر بالخارج الرّصانة، ثمّ لا تستطيع مساعدة نفسك؟

خريمس: ماذا أفعل؟

مينيديموس: ما كنتَ تلومني على أنّي لم أفعله. اجعله يحسّ أنّك أبوه. اجعله يجرؤ على إيداعك كلّ أسراره، والالتماس منك بل مطالبتك، كيلا يبحث عن معتضد سواك ويهجرك.

خريمس: بل أوثر وبكثير أن ينصرف إلى أيّ بلاد شاء على أن يُنزل أباه بخزيه هنا إلى حضيض الفاقة. فإن واصلت تسديد نفقاته يا مينيديموس، سيصل بي الأمر حقّا إلى حمل المعزقة.

مينيديموس: ستتعرّض إلى كثير من المتاعب في هذا المجال إن لم تحترس. ستظهر بموقف المتصلّب ثمّ تصفح أخيرا بلا شكور.

خريمس: آه إنّك تجهل كم أتألّم.

مينيديموس: كما تشاء. وبخصوص ما طلبت منك، أعني تزويج ابنتك لابني؟ إلاّ إن كنت تؤثر غير ذلك.

خريمس: كلاّ، فالصّهر والأسرة يعجباني.

مينيديموس: وكم أقول لابني أنّك حدّدت مهرها؟ لماذا سكتَّ؟

خريمس: مهرها؟

مينيديموس: ذاك ما أقول.

خريمس: آ.

مينيديموس: خريمس، لا داعي للحياء إن كان المبلغ زهيدا، فالمهر لا يهمّنا بتاتا.  

خريمس: قرّرت أنّ وزنتين* نظرا لوضعنا تكفيان. لكن يستحسن أن تقول، إن أردت إنقاذنا أنا ومالي وابني، إنّي أعلنت مهرا لها كلّ أملاكي.

مينيديموس: لم تفعل ذلك؟

خريمس: تظاهر بالتّعجّب من ذلك وسله لماذا أفعل ذلك؟

مينيديموس: لكنّي أجهل أنا نفسي لماذا تفعل ذلك.

خريمس: أنا؟ لأكبح وأقمع نفسه المنغمسة الآن في الرّذيلة والفجور فلا يدري أين يولّي وجهه.

مينيديموس: ماذا تصنع ويحك؟

خريمس: دعني واسمح لي أن اتصرّف في هذه المسألة كما أشاء.

مينيديموس: أدعك أنت وشأنك، أهذا ما تريد؟

خريمس: نعم.

مينيديموس: ليكن.

خريمس: وليستعدّ من الآن ليأخذ زوجته. سينال هذا تقريعا لفظيّا كما يناسب الشّبّان، أمّا سيروس...

مينيديموس: ماذا ستصنع به؟

خريمس: سألقّنه إن عشت درسا لن ينساه، سأوسعه ضربا فيظلّ يذكرني مدى الحياة، الوغد يظنّني مسخرة ولعبة يتسلّى بها. لا وحقّ الآلهة ما كان ليصنع حتّى مع أرملة ما صنع بي.

 

المشهد الثّاني (954-977)

كليتيفون، مينيديموس، خريمس، سيروس

كليتيفون: ( يخرج من عند مينيديموس) أحقّ إذن يا مينيديموس، أرجوك، أنّ أبي، في مثل هذه المدّة الوجيزة، انتزع من قلبه كلّ مشاعر الأبوّة نحوي؟ وبأيّ ذنب؟ أيّ جرم شنيع أتيت يا لتعاستي؟ الكلّ يفعلون ذلك.

مينيديموس: أعلم أنّ الأمر أشدّ وقعا عليك ومضاضة لوقوعه عليك، لكنّي لا آلم منه أقلّ منك إذ لا أدري بما يجري ولا أفهم سببه، ولا أعلم سوى أنّي أحبّ لك الخير من الصّميم.

كليتيفون: قلت إنّ أبي كان موجودا هنا.

مينيديموس: هوذا.

خريمس: لِم تتّهمني يا كليتيفون؟ في كلّ ما فعلتُ نظرت إليك وإلى طيشك. لمّا رأيتك أضعت الرّشاد وبتَّ تعدّ ملاذّ اللّحظة الرّاهنة أولويّاتكّ بلا تروّ تدبّرت لئلاّ يعوزك شيء ولا تستطيع إضاعة ما بيدك. لم أكن أستطيع بسببك إعطاءك مباشرة، فتوجّهت إلى أقرب شخص إليك وسلّمته ما رصدت لك: سيكون لك فيه دوما حصن يقيك طيشك يا كليتيفون، من مأكل وملبس ومأوى تلجأ إليه.

كليتيفون: واأسفاه.

مينيديموس: ذاك أفضل من أن ترثني وتقع أملاكي في يد باخيس.

سيروس: ( مخاطبا نفسه) أيّ ارتباك فظيع نشأ بذنبي وبدون علمي.

كليتيفون: ليتني أموت.

خريمس: لتتعلّمْ أوّلا ما هي الحياة أرجوك. لمّا تعلم، إن لم ترق لك الحياة بوسعك إذّاك اللّجوء إلى الّذي ذكرت.

سيروس: سيّدي، هل تسمح لي؟

خريمس: تكلّم.

سيروس: لكن أمّنّي.

خريمس: تكلّم.

سيروس: أيّ انحراف هذا وأيّ خطل: أخطئ أنا، ويتضرّر هو!  

خريمس: قضي الأمر. لا تحشر نفسك: لا أحد يتّهمك يا سيروس، لا تُعدّ لنفسك مذبحا ولا شفيعا*.

سيروس: ماذا تفعل ويحك؟

خريمس: لست غاضبا عليك ولا عليك ( مشيرا إلى كليهما) ولا يحقّ أن يغضبكما عليّ ما أفعل. ( يخرج)

 

المشهد الثّالث (978-1002)

كليتيفون، سيروس

سيروس: هل انصرف؟ تبّا، كان بودّي أن أطلب منه...

كليتيفون: ماذا؟

سيروس: من أين ألتمس طعاما لنا: فقد طردنا على ما أرى. أمّا أنت، فستلجأ إلى أختك حسب ما أفهم.

كليتيفون: بلغ بي الانحدار إذن حدّ مواجهة خطر الموت جوعا يا سيروس!

سيروس: طالما أمكن أن نحيا، هناك أمل.

كليتيفون: أيّ أمل؟

سيروس: أن نشبع جوعا.

كليتيفون: أتمزح في مسألة بهذه الخطورة ولا تساعدني بمشورتك؟

سيروس: بالعكس هذا ما أنا الآن بصدده والّذي لبثت أفكّر فيه طويلا أثناء كلام والدك، وبقدر ما يمكنني فهمه...

كليتيفون: ماذا؟

سيروس: لن يبتعد كثيرا.

كليتيفون: كيف ذلك؟

سيروس: الواقع في ظنّي أنّهما ليسا والديك.

كليتيفون: ماذا تقول يا سيروس؟ أأنت بكامل مداركك؟

سيروس: سأقول لك ما في ذهني واحكم بنفسك. طالما كنتَ ابنهما الأوحد، وما من مصدر بهجة لهما أقرب منك، استمرّا يعاملانك بلطف، ويعطيانك بلا حساب. والآن بعدما وجدا ابنة حقيقيّة، وجدا سببا ليلفظاك.

كليتيفون: هذا محتمل.

سيروس: أتظنّه غضب عليك حقّا بسبب غلطتك؟

كليتيفون: لا أعتقد.

سيروس: لاحظ أيضا أنّ الأمّهات يساعدن الأبناء عادة إذا أخطؤوا ويعنّهم على عنت الآباء، وهذا لم يقع.

كليتيفون: صحيح. فما العمل الآن يا سيروس؟

سيروس: تأكّد عندهما من هذا الظّنّ، حدّثهما بصراحة. إن لم يكن صحيحا ستجرّهما بسرعة إلى الرّحمة، وإلاّ فستعلم من أبواك.

 كليتيفون: أقنعتني: سأفعل ما أشرت به. ( ينصرف)

سيروس: ( مخاطبا نفسه) كانت تلك فكرة صائبة خطرت لي، فبقدر ما سيبدو له هذا الظّنّ صحيحا ويتقوّى لديه، بقدر ما سيضعف الأمل لديه فيعقد السّلم مع أبيه بسهولة وفق شروطه. بل من يدري، قد يتزوّج ولا شكر لسيروس! لكن ماذا أرى؟ الشّيخ يخرج من الباب: فلأهرب. نظرا لما حدث سأعجب إن لم يأمر فورا بالقبض عليّ. لأذهب إلى بيت مينيديموس وأستشفعه فأنا لا آمن شيخنا.

 

المشهد الرّابع (1003-1023)

سُستراتة، خريمس

سُستراتة: بالتّحقيقإن لم تحترس يا رجل ستسبّب مضرّة لابننا. أعجب حقّا كيف يمكن أن تخطر لك فكرة بهذه السّخافة يا زوجي.

خريمس: أفّ، هل ستستمرّين في نكد النّساء؟ ما أردت في حياتي شيئا إلاّ وعارضتني فيه يا سُستراتة! لكن لو سألتك في ماذا أخطأت أو لماذا تفعلين ذلك، لما عرفت يا حمقاء، في مسألة تقاومينني فيها بثقة وعناد. 

سُستراتة: لا أعرف؟

خريمس: بل تعرفين، أسلّم لكِ، فذاك بلا شكّ أفضل من عودة نفس الحديث بتمامه.

سُستراتة: أوّاه ما أقساك إذ تطلب منّي السّكوت في مسألة بهذه الخطورة.

خريمس: لا أطلب منك ذلك بعد: هيّا تكلّمي. لكن لن يمنعني ذلك مطلقا من فعل ما قرّرت.

سُستراتة: ستفعله؟

خريمس: بالتّحقيق.

سُستراتة: ألا ترى كم تجلب لنا من الضّرر بذلك التّصرّف؟ صار يظنّ نفسه ولدا متبنّى .

خريمس: تقولين "متبنّى"؟

سُستراتة: كذلك سيبدو يا زوجي.

خريمس: وهل تعترفين به؟

سُستراتة: دع هذا الكلام لأعدائنا رجاءً. أأنكر أن يكون من ولدت ابني؟

خريمس: ماذا؟ أتخشين ألاّ تقنعيه، كما تودّين، بأنّه ابنك؟

سُستراتة: بسبب عثورنا على ابنتنا؟

خريمس: كلاّ، فهناك ما يدعو أكثر إلى التّصديق بذلك، فلأنّه يشبهك في السّلوك يسهل أن تقنعيه بأنّه ولدك، فهو مثلك تماما، ليس من عيب فيه إلاّ وفيك مثله. ولا امرأة سواك تلد ولدا مثله. لكن هو ذا يخرج، وعليه مظاهر الجدّ. بذلك يفكّر من يراه!

 

المشهد الخامس (1024-1044)

كليتيفون، سُستراتة، خريمس

كليتيفون: إن كان يا أمّي زمن كنت لك فيه مصدر بهجة، وأحببتِ أن أُعَدّ ابنك، فأترجّاك أن تذكريه وترحمي بؤسي الحاضر، أطلب منك وأريد أن تدلّيني على أبويّ.

سُستراتة: أترجّاك يا ولدي ألاّ تضع في ذهنك أنّك غريب.

كليتيفون: أنا كذلك.

سُستراتة: يا لشقائي، كيف تطلب منّي ذلك أرجوك؟ أتمنّى أن تبقى لي وله كما منّي ومنه وُلدت. وإن كنت تحبّني، فلا أسمعنّ منك بعد الآن مثل هذا الكلام.

خريمس: أمّا أنا، إن كنت تخافني، فحذار أن أراك بمثل هذه الطّباع. 

كليتيفون: أيّة طباع؟

خريمس: إن أردت أن تعرف فسأقول لك: تافه خامل كاذب شره فاسق مبذّر. صدّقني وثق كذلك أنّك ابننا.

كليتيفون: ما هذه بأقوال أب.

خريمس: بلى فحتّى لو وُلدتَ من رأسي كمينرفة* من رأس يوبتر* على ما يقال، لن أقبل يا كليتيفون أن تلوَّث سمعتي بمخازيك.

سُستراتة: لا سمح الآلهة.

خريمس: أمّا الآلهة فلا أدري وأمّا أنا فلن آلو جهدا. أراك تلتمس ما عندك: أبوين. أمّا ما يعوزك فلا تلتمسه: كيف تطيع أباك، وتحفظ ما اكتسب بعمله، ولا تجلب إلى البيت أمام عينيّ بحيل...أستحي من قول كلمة بذيئة بمحضرها وإن لم تستح أنت من الفعل نفسه.

 كليتيفون: واحسرتاه، كم أنا الآن بكلّ كياني مستاء وخجِل من نفسي! ولا أدري من أين أبدأ لأرضيك.

 

المشهد السّادس (1045-1067)

مينيديموس، خريمس، سُستراتة، كليتيفون

مينيديموس: ( مخاطبا نفسه) نعم، إنّ خريمس يؤدّب فتاه الغرّ بغلظة وقسوة مفرطتين. فلأخرجْ لأصلح بينهما. هاهما تحديدا في الوقت المناسب.

خريمس: مينيديموس، رجاء، لماذا لا ترسل في طلب ابنتك وتؤكّد مبلغ المهر الّذي ذكرت؟

سُستراتة: أرجوك ألاّ تفعل يا زوجي.

كليتيفون: أبي، أتوسّل إليك أن تصفح عنّي.

مينيديموس: امنحه عفوك يا خريمس واسمح لي بالشّفاعة له عندك.

خريمس: أتريد أن أعطي أملاكي هبة لباخيس بعلمي؟ لن أفعل.

مينيديموس: نحن أيضا لن نسمح بذلك.

كليتيفون: إن كنت تريد أن تراني حيّا يا أبي فاعف عنّي.

سُستراتة: لبّ طلبه يا عزيزي خريمس.

مينيديموس: افعل أرجوك ولا تتصلّب إلى مثل هذا الحدّ.

خريمس: ما هذا؟ أرى أنّكم لا تدعونني أتمّ ما بدأت.

مينيديموس: ستفعل ما يزينك أن تفعل.

خريمس: سأفعل إذن بشرط أن ينفّذ ما أراه لائقا.

كليتيفون: سأفعل يا أبي كلّ ما تريد: فمرْ.

خريمس: عليك أن تتزوّج.

كليتيفون: أبي...

خريمس: لا أقبل أيّ اعتراض.

سُستراتة: أعدك بأنّه سيفعل.

خريمس: لكنّي لم أسمع منه شيئا بعد.

كليتيفون: يا ويلتاه!

سُستراتة: أمتردّد أنت يا كليتيفون؟

خريمس: لا بل راغب! دعيه.

سُستراتة: سيفعل كليتيفون ما تطلب.

خريمس: في البدء، تكون تلك الأمور عسيرة طالما أنت تجهلها، وحالما تعرفها تصير يسيرة.

كليتيفون: سأنفّذ أمرك يا أبي.

سُستراتة: وحقّ بولكس يا ولدي سأعطيك فتاة جميلة ستحبّها بسهولة، أعني بنت صديقنا فانُقراط.

كليتيفون: تلك الفتاة الصّهباء، خضراء العينين نمشاء الوجه خنساء الأنف؟ مستحيل يا أبي.

خريمس: انظري كم هو مرهف ذوّاقة! كما لو كان ذاك ما يشتهي فيها!

سُستراتة: سأعطيك أخرى.

كليتيفون: حسنا، إن كان لا بدّ من الزّواج، فعندي الّتي أريد تقريبا.

خريمس: الآن أُثني عليك يا بنيّ.

كليتيفون: بنت جارنا أرخونيدوس.

سُستراتة: تعجبني تماما.

كليتيفون: أبي، بقيت الآن مسألة.

خريمس: ماذا؟

كليتيفون: أودّ أن تغفر لسيروس ما فعل من أجلي.

خريمس: ليكن.

قائد الفرقة: وأنتم، دمتم بخير، ولتصفّقوا.