ترنتيوس

 

الأعمال المسرحيّة

 

2- الخصيّ

 

حواش 

 

 

 

 

 

6

5

4

3

2

1

مقدّمة

 

 

 

 

الفصل الرّابع

 

المشهد الأوّل (615-618)

دورياس

دورياس: حفظني الآلهة، لكم أخشى حسبما رأيت واشقوتي أن يأتي اليوم ذلك المجنون فيحدث شغبا أو يتصرّف بعنف عند ثاييس. بعد مجيء ذلك الشّابّ أخ الفتاة، استأذنتِ العسكريّ في إدخاله فاستشاط غضبا في الحال وإن لم يجرؤ على الرّفض. فأخذت ثاييس تلحّ عليه ليدعو الرّجل. كانت تفعل ذلك لاستبقائه إذ لم يكن الوقت قد آن لتكشف له ما كانت تريد بشأن أخته. دعاه العسكريّ على مضض، فمكث. وفي الحين شرعت ثاييس تتحدّث إليه. هنا ظنّ العسكريّ أنّها استقدمت منافسه أمام عينيه وأراد أن يغيظها فقال: "أنت يا غلام، جئنا ببنفيلة لتؤنسنا"*. هتفت ثاييس إذّاك: "كلاّ، أإلى مجلس أنس تدعوها؟" تمسّك العسكريّ برغبته وبدآ يتشاجران. في الأثناء، انتزعت ثاييس خفية حليّها وأعطتنيها لأبعدها. هذه هي العلامة وأنا واثقة أنّها حالما تستطيع ستنصرف من هناك.

 

المشهد الثّاني (619-642)

فدريا، ( دورياس)

فدريا: ( مخاطبا نفسه) بينما أنا ذاهب إلى الرّيف، أخذت أفكّر طوال الطّريق بيني وبين نفسي، كما يحدث لمّا يلمّ ضيق بالنّفس، شتّى الفِكر وبنظرة سوداويّة إلى كلّ الأشياء. ما الحاجة إلى الإطناب؟ بينما أنا أسبح في بحر أفكاري، تجاوزت الضّيعة دون أن أنتبه إليها. ولم أدرك ذلك إلاّ بعد ما ابتعدت عنها مسافة طويلة: فعدت أدراجي، ناقما على نفسي. لمّا وصلت إلى المسرب الصّغير وقفت وأخذت أحاور نفسي: "تبّا، عليّ أن أبقى هنا يومين لوحدي بدونها؟  وماذا بعد؟ لا شيء. لا شيء؟ كيف ذلك؟ إن أعدم وسيلة للمسها ألن أستطيع حقّا رؤيتها؟ إن لم يتح لي ذاك فهذا على الأقلّ متاح. الحبّ من بعيد لبعيد أفضل من لا شيء بالتّأكيد". ومررت بالضّيعة، منتبها هذه المرّة. لكن مهلا، لِم تخرج بيثياس بعجل واضطراب؟

 

المشهد الثّالث (623-667)

بيثياس، دورياس، فدريا

بيثياس: ( مخاطبة نفسها) يا لشقائي، أين سأجد ذاك المجرم الفاسق؟ أين أبحث عنه؟ كيف تجرّأ على فعل تلك الفعلة النّكراء؟

فدريا  : ( مخاطبا نفسه) بحياتي! أتوجّس ممّا يكون هذا الأمر.

بيثياس: ( مخاطبة نفسها) ولم يكفه جرمه، فبعدما عبث بالفتاة مزّق ثوب المسكينة وحلّ شعرها.

فدريا  : ( مخاطبا نفسه) ماذا؟

بيثياس: ( مخاطبة نفسها) لو يقع في قبضتي الآن لأقتلعنّ بأظافري عيني ذلك الأفعوان.

فدريا  : ( مخاطبا نفسه) لا شكّ أنّ تشوّشا ما حصل في البيت أثناء غيابي. فلأدن منها. ( مخاطبا بيثياس) ما الخبر؟ فيم هذه العجلة؟ عمّن تبحثين يا بيثياس؟

بيثياس: هو أنت يا فدريا. أنا؟ عمّن أبحث؟ ألا فلترح مع هداياك الظّريفة حيث تستحقّ!

فدريا: ما الأمر؟

بيثياس: تسألني؟ أيّة مشاكل سبّب لنا الخصيّ الذي أعطيتنا فقد اغتصب الجارية التي أهداها العسكريّ لسيّدتي.

فدريا: ماذا تقولين؟ 

بيثياس: يا لمصيبتي!

فدريا: أنت مخمورة!

بيثياس: فليحلّ ذلك بمن يريدون بي سوءا!

دورياس : أرجوك، عزيزتي بيثياس، أيّة عجيبة هذه التي تقولين؟

فدريا: هذا كلام محال: إذ كيف لخصيّ بفعل ما تقولين؟

بيثياس: لا أدري من كان، لكنّ حالتها تشهد بما فعل. الفتاة نفسها مستغرقة في البكاء، ولا تجد شجاعة إن سئلت لتقول ما بها. أمّا ذاك الرّجل الصّالح، فلا أثر له. بل وأرتاب أنّه اختلس شيئا عند انصرافه من البيت.

فدريا: لا أدري أين أمكن لذلك النّذل أن يختفي طوال هذا الوقت، إلاّ إن كان ربّما عاد إلى البيت.

بيثياس: اذهب أرجوك لترى هل هو هناك.

فدريا: سآتيك بالخبر في الحال.

دورياس: أقسم بحياتي أنّي ما سمعت أبدا يا عزيزتي بمثل هذه الجريمة النّكراء.

بيثياس: أنا من جهتي، كنت وحقّ بولكس* أسمع بأنّهم يحبّون النّساء كثيرا لكنّهم عاجزون عن الفعل. وما حدث اليوم لم يخطر حقّا على بالي يا لشقائي، وإلاّ لحبسته في مكان ما، وما استودعته* الفتاة.

 

المشهد الرّابع (668-726)

فدريا، دوروس، بيثاس، دورياس

فدريا   : اخرج يا وغد، ألا تزال تتمنّع أيّها الآبق؟ هيّا، تقدّم يا بذرة السّوء.

دوروس: رحماك.

فدريا   : انظر إلى هذا السّفّاح وتكشيرة وجهه! ما معنى رجوعك إلى هنا؟ وتغيير لباسك؟ ماذا تجيب؟ كما ترين يا بيثياس، لو تأخّرت قليلا، لما عثرت عليه بالبيت، فقد أعدّ العدّة للفرار.

بيثياس : أرجو أنّك أدركت الرّجل؟

فدريا   : وكيف لا؟

بيثياس : حسنا فعلتَ.

دورياس: أجل حسنا فعلت وحقّ بولكس*.

بيثياس : أين هو؟

فدريا   : تسألينني؟ ألا ترينه أمامك؟

بيثياس : أراه؟ من أرجوك؟

فدريا   : هذا الشّخص طبعا.

بيثياس : من هذا الرّجل؟

فدريا   : ذاك الذي جيء به اليوم إليكم.

بيثياس : لكن لم ير هذا الرّجلَ أحد منّا يا فدريا.

فدريا   : لم يره أحد؟

بيثياس : أظننت حقّا أنّ هذا الرّجل هو الذي أحضر إلى بيتنا؟ أجبني أرجوك.

فدريا   : ذلك ببساطة لأنّي لا أملك سواه.

بيثياس : لكنّ لا وجه للمقارنة بينه وبين الآخر على الإطلاق: الآخر مليح القسمات كريم المحيّا.

فدريا   : هكذا بدا لك سابقا لأنّه كان يرتدي لباسا زاهي الألوان. والآن يبدو لك دميما لأنّه لم يعد يحمله.

بيثياس : كفى أرجوك! كما لو أنّ الفرق بينهما طفيف. الشّخص الذي جلب اليوم إلى بيتنا شابّ قسيم وسيم، يا فدريا، بينما هذا عجوز عتيق نخر فان، أكمد أغبر كابن عرس.

فدريا   : ماذا؟ ما هذه الحكاية؟ أتزعمين أنّي لا أدري ما فعلت. ( مخاطبا دوروس) أنت قل لي: هل اشتريتك؟

دوروس: نعم، اشتريتني.

بيثياس : مُره أن يجيبني أنا أيضا.

فدريا   : سليه.

بيثياس : ( مخاطبة دوروس) هل أتيت اليوم إلى بيتنا؟ ( مخاطبة فدريا) ها هو ينفي كما ترى. فإنّما أتانا الآخر، ابن السّتّة عشرة، الذي أحضره برمينون معه.

فدريا   : ( مخاطبا دوروس) هيّا اشرح لي أوّلا من أين أتيت بهذا اللّباس؟ سكتّ؟ ألا تنوي الإجابة أيّها الفاجر؟

دوروس: أتى خيريا.

فدريا   : أخي؟

دوروس: هو كذلك.

فدريا   : متى؟

دوروس: اليوم.

فدريا   : في أيّ وقت؟

دوروس: السّاعة.

فدريا   : مع من؟

دوروس: مع برمينون.

فدريا   : أكنتَ تعرفه من قبل؟

دوروس: كلاّ ولا سمعت به من أحد أبدا.

فدريا   : من أين عرفت إذن أنّه أخي؟

دوروس: كان برمينون يقول إنّه أخوك. وهو الذي أعطاني هذا اللّباس.

فدريا   : ويلي.

دوروس: وارتدى هو لباسي. ثمّ خرج الاثنان معا.

بيثياس : والآن هل اقتنعت أنّي ما شربت خمرا ولا كذبتك خبُْرا؟ هل تيقّنت بأنّ الفتاة اغتصبت؟

فدريا   : يا لك من حمقاء! أتصدّقين ما يقول؟

بيثياس : وهل أنا بحاجة إلى تصديقه؟ الواقع يشهد بذلك.

فدريا   : ( مخاطبا دوروس) تنحّ قليلا إلى هناك. أتسمع؟ أكثرَ قليلا: كفى. قل لي مرّة أخرى: هل انتزع خيريا لباسك؟

دوروس: حصل.

فدريا   : وارتداه؟

دوروس: حصل.

فدريا   : واقتيد بدلك؟

دوروس: هو كذلك.

فدريا   : ربّاه! يا للفتى المجرم الأثيم!

بيثياس : وامصيبتاه! أما زلت غير مصدّق بأنّا تعرّضنا إلى مكيدة شائنة؟

فدريا   : لا عجب أن تصدّقي ما يقول. ( مخاطبا نفسه) لا أدري ما العمل. ( هامسا لدوروس) اسمع، أنكر هذه المرّة. ( رافعا صوته) أيمكنني اليوم انتزاع الحقيقة منك؟ هل رأيت أخي خيريا؟

دوروس: لا.

فدريا   : أظنّه لن يعترف بدون تعذيب. اتبعني إلى هنا. مرّة يؤكّد ومرّة ينكر. ( هامسا لدوروس) استرحمني.

دوروس: نعم يا فدريا، أتوسّل إليك.

فدريا   : ( متظاهرا بتعنيفه وهامسا له) هيّا ابدأ في الصّياح.

دوروس: أي! أي!

فدريا   : ( مخاطبا نفسه) لا أدري لعمري كيف سأخرج من هذه الورطة بطريقة تحفظ ماء وجهي غير هذه. ( مخاطبا دوروس) لأمزّقنّ جلدك إن عدت مرّة أخرى إلى الضّحك عليّ يا حقير.

بيثياس : أنا واثقة من أنّها مكيدة لبرمينون وثوقي من أنّي أحيا.

دورياس: ذلك هو الواقع.

بيثياس : وحقّ بولكس* لأجدنّ اليوم طريقة لأردّ له المثل. والآن قولي يا دورياس: ماذا ترين أن أفعل؟

دورياس: تسألين بخصوص الفتاة؟

بيثياس : نعم، أأكتم أم أكشف ما حصل؟

دورياس: ببولكس*، إن شئت التّعقّل أنت تجهلين ما تعلمين*، سواء بخصوص الخصيّ أو اغتصاب الفتاة. بهذا النّحو تخلّصين نفسك من كلّ مشكلة وتسدين لها معروفا. قولي فقط إنّ دوروس انصرف.

بيثياس : سأفعل كما تقولين.

دورياس: لكن أخريمس أرى؟ لن تتأخّر ثاييس في الحضور.

بيثياس : كيف ذلك؟

دورياس: لأنّي عندما انصرفت من عندهما كانت خصومة قد نشبت بينهما.

بيثياس : خذي معك هذه الحليّ. سأعلم منه جليّة الأمر.

 

المشهد الخامس (727-738)

خريمس، بيثياس

خريمس: خدعتني وحقّ هرقل* وغلبتني الخمر الّتي احتسيت. لكن كم كنت وأنا مستلق أمام المائدة أبدو لنفسي صاحيا وبأحسن حال، وبعدما قمت لم تكن قدمي ولا ذهني يشتغلان سويّا.

بيثياس: خريمس!

خريمس: من يناديني؟ هي أنت يا بيثياس. لكم تبدين لي الآن أجمل من ذي قبل!

بيثياس: أمّا أنت فبالتّحقيق أكثر مرحا.

خريمس: ما أصحّ المثل القائل: "بدون كيريس* وليبر*، فينوس* كالصّقيع". لكن: أوصلت ثاييس منذ حين؟

بيثياس: وهل انصرفت من عند العسكريّ؟

خريمس: منذ فترة طويلة. وقعت بينهما خصومة كبرى.

بيثياس: ألم تطلب منك أن تتبعها؟

خريمس: أبدا، إلاّ أنّها أومأت لي برأسها عند انصرافها.

بيثياس: ويحك، أما يكفيك ذلك؟

 خريمس: لكنّي ظللت أجهل قصدها، حتّى صحّح العسكريّ ما لم أفقه، إذ أخرجني من البيت. لكن ها هي: فواعجبا أين تجاوزتها!

 

المشهد السّادس (739-770)

ثاييس، خريمس، بيثياس

ثاييس: ( مخاطبة نفسها) أجزم أنّه آت ليفتكّها منّي فليأت. إن مسّها ولو بإصبع سأستلّ عينيه حالا. حتّى الآن تمالكت نفسي متحمّلة حماقته وكلماته الفضفاضة طالما ظلّت كلمات. لكن إن حوّلها إلى أفعال فسآمر بجلده.

خريمس: ثاييس، أنا بانتظارك هنا من زمان.

ثاييس: عزيزي خريمس. كنت أترقّبك أنت بالذّات. أتعلم أنّ ذاك الخصام وقع بسببك؟ وأنّ كلّ ذلك يتعلّق بك؟

خريمس: بي أنا؟ كيف؟ كما لو أنّ ذاك...

ثاييس: لأنّي أحاول جاهدة أن أردّ إليك أختك، متحمّلة في سبيل ذلك ما رأيت والكثير مثله.

خريمس: أين هي؟

ثاييس: بالبيت عندي.

خريمس: كيف؟

ثاييس: ماذا دهاك؟ لقد ربّيت بنحو يليق بمنزلتك ومنزلتها.

خريمس: ماذا تقولين؟

ثاييس: عين الحقيقة. أهبك إيّاها هديّة منّي ولا أطلب منك أيّ ثمن مقابلها.

خريمس: سأحفظ وأردّ لك يا ثاييس جميلك كما تستحقّين.

ثاييس: لكن حذار يا خريمس أن تضيّعها قبلما تستلمها منّي. فهي التي سيأتي العسكريّ الآن لانتزاعها منّي عنوة. اذهبي أنت يا بيثياس إلى البيت واجلبي السّلّة مع  الأمارات.

خريمس: أترين يا ثاييس...

بيثياس: أين توجد؟

ثاييس: في الصّندوق. كفاك تلكّؤا يا كسولة.

خريمس: هو ذا العسكريّ، وقد أتاك في جمع كبير من رجاله؟ يا للمصيبة!...

ثاييس: ويحك أجبان أنت يا رجل؟

خريمس: كلاّ. أنا جبان؟ بل لا يوجد بين النّاس أقلّ منّي جبنا.

ثاييس: وأنت الآن تحديدا بحاجة إلى ذلك.

خريمس: أخشى أنّك تخطئين في تصّورك أيّ نوع من النّاس أكون.

ثاييس: فكّر بالأحرى في هذا: حيالك أجنبيّ أقلّ منك قوّة وصيتا ونفيرا.

خريمس: أعلم ذلك. لكن من الحماقة قبول ما يمكننا تفاديه. لذا على الثأر أوثر الاحتياط بعد التّعرّض لإساءته. فاذهبي وزلّجي الباب من الدّاخل ريثما أجري إلى القصبة* لإحضار شهود لنا في الشّجار المتوقّع.

ثاييس: بل ابق هنا.

خريمس: ذلك أفضل.

ثاييس: ابق.

خريمس: دعيني: سأعود قريبا.

ثاييس: لا حاجة يا خريمس. قل فقط إنّ الفتاة أختك أضعتها صغيرة والآن تعرّفت عليها، اعرض الأمارات.

بيثياس: ها هي.

ثاييس: خذها، وإن استخدم الرّجل العنف فخذه إلى القاضي. أفهمت؟

خريمس: تماما.

ثاييس: حاول أن تقول ذلك بجلد.

خريمس: سأفعل.

ثاييس: ارفع رداءك. ( مخاطبة نفسها) يا لبؤسي، هذا الذي أحضرته ليحمينيي بحاجة إلى من يحميه.

 

المشهد السّابع* (771-816)

ثراسون، غناطون، سنقا، خريمس، ثاييس

ثراسون: تبّا، أأقبل إهانة بمثل هذا الحجم يا غناطون؟ الموت أهون. سيماليو، دوناكس، سرسكوس، اتبعوني. سأهاجم البيت أوّلا.

غناطون: حسن.

ثراسون: وسأفتكّ منها الفتاة.

غناطون: جيّد.

ثراسون: أمّا هي فسأروغ عليها ضربا.

غناطون: جميل.

ثراسون: دوناكس، ضع بالوسط ذلك الصّفّ، مع العمود. أنت يا سيماليو، إلى الميسرة، وأنت يا سيرسكوس، إلى الميمنة. إليّ بالآخرين. أين العريف سنقا وفصيل لصوصه؟

سنقا: حاضر.

ثراسون: ماذا أيّها الكسول؟ أتفكّر في خوض الوغى بمنديل الفتات الذي تحمله إلى هنا؟

سنقا: أنا؟ بل أظهرت في أكثر من مناسبة بسالة القائد وإقدام المقاتل. لكن لا حرب بدون إراقة دم فبماذا أمسح الجراح؟

ثراسون: وأين الآخرون؟

غناطون: تبّا من "الآخرون"؟ صنّيون وحده بالبيت للحراسة.

ثراسون: صفّف أنت الجماعة. أمّا أنا فسأتّخذ موقعي خلف الجبهة ومن هناك سأعطي للجميع إشارة الهجوم.

غناطون: ذاك عين الحنكة: ( مخاطبا نفسه) جهّز الآخرين للمعركة واتّخذ لنفسه موقعا آمنا.

ثراسون: ذاك ما صنع بيرّوس* في أكثر من موقعة.

خريمس: أترين يا ثاييس ماذا يفعل ذلك الأهوج؟ صائبة جدّا بالتّأكيد فكرة إرتاج الباب.

ثاييس: هذا الذي يبدو لك رجلا عضروط رعديد، فلا تخف.

ثراسون: ( مخاطبا غناطون) ما رأيك؟

غناطون: ليت لي منجنيقا فأعطيه لك لتدكّ به من مخبئك موقع العدوّ من بعيد، سيلوذون بالفرار.

ثراسون: لكن هي ذي ثاييس نفسها.

غناطون: متى نبدأ عمليّة الاقتحام؟

ثراسون: انتظر. يحسن بالأريب أن يجرّب كلّ الطّرق قبل السّلاح. من يدري لعلّها تنفّذ ما أطلب دون أن أستخدم القوّة.

غناطون: ما أحكم هذا الرّاي وحقّ الآلهة. ما جئتك قطّ إلاّ ورحت من عندك أعلمَ وأحكم.

ثراسون: ثاييس أجيبيني أوّلا على هذا السّؤال: لمّا أهديتك الفتاة أما قلتِ إنّك ستتفرّغين لي وحدي هذه الأيّام؟

ثاييس: ثمّ ماذا؟

ثراسون: تسألينني؟ ألم تحضري عشيقك أمام عينيّ جهارا؟

ثاييس: ( مخاطبة نفسها) ما العمل مع هذا الأخبل؟

ثراسون: أولم تختلي به خفية عنّي؟

ثاييس: فعلت ما يروق لي.

ثراسون: ردّي لي إذن بنفيلة، إلاّ إن كنت تفضّلين أن أنتزعها منك بالقوّة.

خريمس: أن تردّها إليك أو أن تمسّها أيّها ال...؟

غناطون: ماذا تفعل؟ اخرس.

ثراسون: وأنت ما دخلك؟ أنا لا أمسّ أمتي؟

خريمس: وتقول أمتك يا صعلوك؟

غناطون: خذ حذرك يا هذا، أنت تجهل أيّ رجل تسبّ!

خريمس: أنت، هلاّ رحت من هنا؟ أتدري ماذا سيقع لك؟ إن أخذت اليوم تثير أيّ شغب، لأجعلنّك تتذكّر مدى العمر هذا المكان واليوم وشخصي.

غناطون: أشفق عليك حقّا من معاداة شخص بمثل جبروته.

ثراسون: وأنا سأفصل اليوم رأسك إن لم ترح لحالك.

غناطون: أجادّ أنت في قولك يا كلب؟ أهكذا تعاملني؟

ثراسون: ومن تكون أنت؟ وما تبتغي؟ ما شأنك والفتاة؟

خريمس: ستعرف: أخبرك أوّلا أنّها حرّة.

ثراسون: عفوا؟

خريمس: ومواطنة أتّيكيّة*.

ثراسون: ماذا أيضا؟

خريمس: وأختي.

ثراسون: يا للرّقاعة.

خريمس: أحذّرك أيّها العسكريّ من ارتكاب أيّ عنف عليها. ثاييس، أنا ذاهب لآتي بمرضعتها صُفرونة وأعرض عليها الأمارات.

ثراسون: أتمنعني من مسّ أمتي؟

خريمس: أجل، سأمنعك.

غناطون: أتسمع؟ إنّها مواطئة له في عمليّة السّطو. هذا يكفيك.

ثراسون: أتقولين أنت أيضا ما يقول يا ثاييس؟

ثاييس: ابحث عمّن يجيب.

ثراسون: ماذا نفعل الآن؟

غناطون: لنعد إلى البيت: لن تلبث أن تأتي مستعطفة من تلقاء نفسها.

ثراسون: أتعتقد ذلك؟

غناطون: بل أنا واثق منه: فإنّني خبير بأدواء النّساء طبيب. يتمنّعن إن رغبت، وإن امتنعت صرن راغبات.

ثراسون: أصبت.

غناطون: والآن هل أسرّح الجنود؟

ثراسون: كما تشاء.

غناطون: سنقا، مثلما يجدر بجنديّ شجاع، عليك الآن بالتّفكير في البيت والموقد.

سنقا: الحقّ أنّ نفسي في أوانيّ من زمان.

غناطون: أنت فعلا رجل لبيب.

ثراسون: وأنتم، هلمّوا اتبعوني.

 

<<